الأحد، 1 سبتمبر 2019

رد د.الحصيّن وزير المياه والكهرباء (سابقًا) على الوزير السابق آل الشيخ

 بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
     لقد تناقلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مقال تطميني عن أوضاع المياه في المملكة  ووصف المقال بأن مايقال عن أن المياه ناضبة وغير مستعاضة بأنه كلام غير علمي وغير صحيح إلى آخر ماورد في المقال.
في الحقيقة
لم أكن أنوي التعليق على ماورد في المقال المشار إليه لأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أرض الحل لكل من يستطيع الكتابة وأحيانًا لمن لايستطيعها دون مراعاة لاختصاص أو اطلاع وأصبح كثير مما تحويه كما يصفه القول العامي اللطيف ( دلو ماء ودلو طين )، ولم يكن لدي الرغبة في الحديث عن الماء وماضي استغلاله أو استهلاكه الجائر لأنه حديث ذو شجون موجع للقلب مدمع للعين، إلا أن ماتلقيته من سيل الاستفسارات وبعضها يحوي العتب على ماسبق أن صرحت به عن اوضاع المياه مقارنة بحقائق وأرقام الرساله المشار اليها ، وهذه الاستفسارات والعتب وردت من أصدقاء و إخوة كنت أظنهم ولا أزال يتمتعون بالحكمة والرصانة وسعة الاطلاع بجانب الاختصاص العلمي وأعود لهم بالاستشارة في كثير من المواضيع إلا أن سيل استفساراتهم قد أثار في نفسي القلق بل الرعب من سهولة التأثير على الآخرين ولو بأوهام لاتستند على حقائق ورغم المشاهدات التي لا حصر لها لواقع الآبار الان.
أرجو المعذرة من القارئ الكريم من هذه المقدمة الطويلة والتي رأيت من أنه لابد منها قبل الدخول في صلب الموضوع.
وفي هذا الصدد أشير إلى مايلي:-
١- لقد أشارت الرسالة إلى معلومات مائية تستند إلى دراسات مائية عمرها يقارب الأربعين عامًا أجريت مع بداية نهضتنا الزراعية المباركة ان صح الوصف وقد قامت وزارة المياه والكهرباء بتحديث هذه الدراسات لكافة التكوينات المائية التي ورد ذكرها في الرسالةوقد جرى تحديث هذه الدراسات خلال الفترة بين عامي ٢٠٠٥م و ٢٠١٥م ومن نفس الاستشاريين اللذين قاموا بالدراسات السابقة كما اعتُمد على آبار المراقبه المنتشرة على كافة التكوينات المائية. وقد أوضحت هذه الدراسات بما لايدع مجال للشك أن كافة التكاوين قد تعرضت لانخفاض هائل في منسوب المياه الثابت (وهو وحدة القياس عادةً) بل النفاد بالكامل للبعض منها، ليس هذا فقط بل صاحبه في أغلبها تدهور في النوعية مما استدعى معالجة مكلفة للتخلص من بعض العناصر الضاره  للمدن التي تعتمد عليها كمياه للاستهلاك المنزلي
٢- لقد أورد المقال أسماء بعض هذه التكاوين المائية وعلى رأسها تكوين الساق والذي يمتد من الحدود مع الأردن إلى غرب مدينة الدوادمي ماراً بمناطق تبوك وحائل والقصيم  وتعتمد عليه مناطق تبوك وحائل والقصيم لاستيفاء حاجتها الزراعية والمنزلية.هذا التكوين والذي وصف المقال مياهه بالمتجددة والاستقرار قد تعرض لانخفاض رهيب وتردي في النوعية وقد انتقلت حالهُ من التدفق التلقائي على سطح الأرض إلى انخفاض دون ٢٥٠ متر وخاصة في منطقة القصيم وتردت نوعيته  بتناسب طردي مع انخفاض منسوبه. هذه المعلومات عن التكوين ووضعه الحالي معلومة  ليس فقط لذوي الاختصاص بل للآلاف من المزراعين المعتمدين علي آبار التكوين
٣- أشار المقال إلى تكويني الدمام والنويجين ضمن التكوينات الرئيسية التي لم يطرأ على منسوبها تغير وغاب عن كاتبه أن هذين التكوينين والتي كانت الأحساء تعتمد عليها كليًا وكانا مصدر ينابيعها قد نفدتا بالكلية وأصبح الاعتماد بعد ذلك على تكوين أسفل منهما وهو تكوين أم رضمة والذي بدأ بدوره يعاني من الاستنزاف وتردي النوعية.لقد أدى ذلك بهيئة الري والصرف بالأحساء إلى الاستعانة بمياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيًا لإمداد المزارعين بجزء من حاجاتهم والتي كانوا يستوفونها من العيون المشهورة والتي تعرضت جميعها للجفاف بل أدي عدم كفاية مياه الصرف الصحي المعالجة المتوفرة في المنطقة إلى إنشاء خط أنابيب لجلب مياه الصرف الصحي المعالجة من مدينة الخبر مع مافي ذلك من تكلفة إنشائية وتشغيلية باهضة. وما حصل لتكوينات الساق والدمام والنيوجين حصل للوجيد في وادي الدواسر ، وما حصل لهذا التكوين مأساة بكل مافي الكلمه من معني  فقد كانت تنتشر علي سطحه أشجار الغابات القصيره التي كانت تمدها بحاجتها من المياه الطبقه السطحيه. المأساة لم تقتصرعلى نفاد هذه الطبقه بالكامل بل امتدت لطبقة الوجيد والذي انخفض في مركز الاستهلاك والي مائة كيلو من المركز الي مايزيد عن مائتي متر والوضع نفسه يكاد ان ينطبق علي تكوين المنجور والذي تعتمد عليه الرياض بعد الله لسد جزء من حاجتها
ولعل التكوين الوحيد المشار إليه في الرساله المذكوره  والذي من حسن الحظ بقي بعيداً عن النشاط الزراعي وهو تكوين الوسيع هو الوحيد الذي سجل انخفاضًا قليلاً نسبيًا رغم استغلاله لتزويد مدينة الرياض بجزء من حاجتها للمياه المنزلية.
٤- أشار المقال إلى أن أكثر من ٧٠٠ بئر قياسي تؤكد ثبوت المستوى وعدم تغيره وبالرغم من أن المقال لم يذكر أمثلة على هذه الآبار ومواقعها فإن من المؤكد أن هذه الآبار على العكس من ذلك تؤكد تدهور المستوى في أغلبها.
٥- أن كافة الدراسات الاستشارية للتكوينات المائية تؤكد بما لاوجد مجالاً للشك أن مياه هذه التكوينات هي مياه أحفورية محدودة التجديد وعلى قلة مايردها من تجديد فإذن ذلك لايتعدى جزءاً يسيراً من مايستنزف منها وأن مياهها تجمعت من آلاف السنين إلى درجة أن خصائص العصر الجليدي تظهر بوضوح في تحليل مياهها.وينحصر التجديد في الطبقات السطحيه او ما يطلق عليها بمناطق الدرع العربي والذي تتأثر آباره سريعاً بالأمطار ولا يعتمد عليها في إمدادات المياه
٦- أشار كاتب المقال إلى أن التكوينات الجوفية الرئيسية يتم تغذيتها من مياه الأمطار والأودية العابرة للحدود وهو جهل واضح بمسار التدفق  الهيدرولوجي في باطن الأرض حيث لايوجد أودية عابرة للحدود تمد هذه التكوينات بالمياه حيث أن سريان المياه في باطن الأرض من غرب المملكة إلى شرقها وشمالها ولايوجد تدفق البته من شمال المملكة أو جنوبها مغذية لهذه التكوينات، وتكوين الساق المشار إليه آنفًا والذي يعبر إلى الأردن يأتيه الإمداد على محدوديته من المملكة وليس العكس.
[١/‏٩ ٢:٥٢ م] د .سعد عطية الغامدي: ٧- اختتم كاتب المقال "وهذا في مايبدو بيت القصيد" مقاله إلى المطالبة بإعادة النظر في السياسات الأخيرة التي صدرت حول المخاوف المائية والتي وصفها بغير الهادفة لمواجهة التهديدات في مجال
الأمن الغذائي. في هذا الصدد تجدر الإشارة أنه قد استهلك مع الأسف خلال الأربعين سنة الماضية أغلب مخزوننا المائي ركضًا خلف زعم وهمي وهو تحقيق الأمن الغذائي وهو ماكان يُذكر أثناء ذروة نشاط زراعة القمح ويعاد قوله كلما طولب بوقف زراعته. إن الجري خلف الوهم المزعوم لم يحقق أمنًا غذائيًا فقط بل على العكس من ذلك أدى إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد كون أغلب مدخلات زراعة القمح مستوردة ومنها على سبيل المثال لا الحصر المضخات والحراثات والحصادات والبذارات  والمبيدات الحشرية والمولدات الكهربائية الي آخره وصاحب ذلك كله تهديداً واضحًا لأمننا المائي كون معظم التكوينات المائية تمد مناطق لم تصل لها مياه التحلية كمناطق تبوك وحائل والقصيم وهي تعتمد بعد الله على هذه التكوينات في احتياجاتها السكانية. لقد بلغت درجة الاستنزاف لهذه المياه أرقامًا مخيفة يصعب لغير المطلع تصورها فضلاً عن تصديقها. فعلى سبيل المثال استهلكت منطقة حائل خلال ثلاثين سنة فقط من المياه الجوفية زراعيًا مايعادل الاستهلاك السكاني لألف سنة. واستهلكت المملكة من المياه زراعيًا لنفس الفترة مايعادل
إنتاج محطات التحلية بطاقتها القصوى الحالية لمدة تقارب ٦٠٠ سنة. وبعد هذا كله اتضح أن استيراد القمح من مصادرة المتعددة ليس فقط أقل تكلفة بل أدى إلي توفير بلايين الأمتار المكعبة من المياه سنويًا وفي نفس الوقت أكثر أمانًا لتعدد مصدريه وتنافسهم الشديد على تصديره.
ختامًا فإن ماورد في المقال هو خليط مشوش من الأرقام والادعاءات التي لاتمت للحقيقة والواقع بصلة بل ان واقع الحال يؤكد عكس ذلك تماما.
أسأل المولى عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وأن يرزقنا جميعًا الإخلاص في القول  والعمل.
كاتبه
عبدالله الحصيّن
وزير المياه والكهرباء (سابقًا)


-------------------------
مواضيع مشابهة- أو -ذات صلة :

المياه الجوفية ومقال د. عبد الرحمن بن عبد العزيز آل الشيخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..