الرياض ــ خالد الشايع 12 أغسطس 2015
اندفع كثير من السعوديين بشكل محموم نحو تجارة العملات عبر منصات التداول العالمية، مخدوعين بالإعلانات التي
تروج لهذا النوع من التجارة وتغفل مخاطرة العالية، ما عرّض آلاف المواطنين لخسائر تتجاوز العشرة مليارات دولار في السنوات الثلاث الأخيرة فقط، وفق تقديرات مصادر مصرفية في السعودية.
وتصطلح الأسواق العالمية على تسمية هذا النوع من التجارة باسم "فوركس"، ويعني تغيير العملات، غير أن شَرَكا ما تنصبه شركات غربية وأحياناً إسرائيلية تقوم بدور الوسيط المالي، بهدف استنزاف أموال المضاربين العرب في هذه التجارة، حيث تقدم تلك الشركات تسهيلات أكبر من تلك التي تقدمها المصارف العالمية التي توفر منصات للتداول، لكن في المقابل تكون الخسائر والمخاطر أعلى بكثير.
وكلما كانت خسائر المتداول السعودي أكثر، كلما كان ربح شركات الوساطة الوهمية أكثر، إذ لا توفر هذه الشركات التي لا تكاد تفتح موقعاً إلكترونياً عربياً إلا وتجد إعلاناتها، منصات تداول حقيقية، لكنها توهم المتداول بتنفيذ الصفقات التي يطلبها وتستفيد هي من خسائره، إذ تقل فرص تحقيق الأفراد أرباحاً من هذه التجارة لدرجة قد تصل إلى الانعدام.
ولا توجد أرقام دقيقة لحجم تجارة السعوديين في الفوركس عالي المخاطر، لكون 80% منها تتم عبر مواقع إلكترونية لشركات غير معروفة.
"تتداول شركات الترويج أرقاماً حول انضمام 600 ألف سعودي لسوق الفوركس العالمية
"
ولا تقتصر التجارة في الفوركس على السعوديين وحدهم بالمنطقة العربية، إذ عرفت هذه التجارة طريقها إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق وليبيا وتونس والمغرب، منذ تسعينات القرن الماضي، لكن يبقى السعوديون هم الأكثر إقبالاً.
مخاطر عالية
يشدد المحللون الماليون على أن التأرجح الكبير في سوق العملات أشد خطورة من سوق الأسهم، وتتضاعف الخطورة عند من لا يعرف أصول اللعبة ولا يمتلك الوسيلة الإلكترونية المناسبة للتداول المباشر والتي تستلزم السرعة والوضوح وأن يكون المضارب قادراً على التفاعل مع الأخبار العاجلة المؤثرة في أسعار العملات وأن تكون لديه بوابات سريعة للوصول إلى هذه الأخبار من مصادرها الأولى، مع فهم كبير لحركة الاقتصاد العالمي وحركة الاقتصاد داخل دول المجموعات الاقتصادية العملاقة.
وتتمحور مخاطر الفوركس في أمور عدة، أهمها أن المتداول لا يعرف الجهة التي يتعامل معها. وفي هذا، يؤكد الخبير المالي فضل البوعنين أن من يتعامل مع مواقع مجهولة قد يضع نفسه في موقف صعب عندما يكتشف أنه يتعامل مع شركات إجرامية مثلاً.
ويقول لـ "العربي الجديد": "المضاربة في العملات موجودة في كل الدول ومتاحة للجميع، ولكن مخاطر الفوركس التي تكون عن طريق التعامل بالعملات عبر الانترنت، أن المتعامل معها لا يعرف هو يتعامل مع من، هل هي شركة حقيقية أو منظمة وهمية، أو عصابات إجرامية".
اقرأ أيضاً: السعودية تقترض 27 مليار دولار في 5 أشهر
ويشدد البوعنين على أن مشكلة الفوركس تكمن في أن البنوك والوسطاء يقدمون تسهيلات كبيرة للمضاربين، وتصل لأكثر من 700% من رأسماله، فعندما يفتح المضارب الحساب بـ 100 ألف دولار، يُقدم له الوسيط المالي تسهيلات تمكّنه من المضاربة بـ 700 ألف دولار، ولكن شرط أن الوديعة إذا نزلت عن 10% من المبلغ يقوم البنك ببيع العملات دون الرجوع للمضارب وبخسارة مهما كانت الخسائر.
ويضيف: "هنا يكون البنك ضمن قرضه، ولكن المضارب خسر كل رأس ماله، فالبنك أو الشركة الممولة لا يهمها أن يخسر المضارب أو يربح، فهي رابحة في كلا الحالتين من خلال البيع ومن خلال فوائد القرض".
تسويق ضخم
ينصح رئيس مركز سهم المالي منير بوبشيت السعوديين بعدم الدخول في أسواق العملات لما تنطوي عليه من مخاطر كبيرة تتسبب بفقدان كامل رأس المال في جلسة واحدة لعدم الخبرة، محملاً ما يحدث للجهات المالية التي لا تقوم بواجبها التوعوي كما يجب. ويقول لـ "العربي الجديد": "هناك تسويق كبير لهذا النوع من الاستثمار، ويقابل ذلك جهل كبير من المستثمرين منعدمي الخبرة، والنتيجة تكون الإفلاس".
"لا توجد أرقام دقيقة لحجم تجارة السعوديين في الفوركس عالي المخاطر، لكون 80% منها تتم عبر مواقع إلكترونية لشركات غير معروفة
"
وبينما تتداول شركات الترويج أرقاماً حول انضمام 600 ألف سعودي لسوق الفوركس العالمية، يؤكد الخبير المالي عوض الفدعق، أن هذه الأرقام مضللة ولا صحة لها، وهدفها جر المستثمرين لهذه السوق، مشدداً على أنه لا توجد أرقام دقيقة للمتعاملين في سوق العملات المرتفعة المخاطر.
ويقول لـ "العربي الجديد"، إنه لا ينصح بدخول سوق العملات لغير المختصين لأنها تستخدم في الأساس للتحوط ضد مخاطر أسعار الصرف من قبل التجار والمستوردين للاستفادة من التقلبات التي تجري على العملات الرئيسية مقابل الدولار الأميركي. ويتابع الفدعق: "هذه الأسواق الخاصة لكبار المتعاملين والمحترفين لا تستخدم للمضاربة لأن فها مخاطر عالية جداً".
خسائر متواصلة
من المضاربين عديمي الخبرة، يزيد السليمان، الذي خسر أكثر من مرة مبالغ كبيرة في هذه السوق، دون أن ينجح في معرفة خفاياها، فبعد أن خسر في المرة الأولى أكثر من 80 ألف دولار عاد في المرة الثانية وخسر 70 ألف دولار وفي الثالثة 120 ألف دولار، قبل أن يقتنع تماماً أنه لا يمكن أن ينجح فيها.
يقول السليمان لـ "العربي الجديد": "في البداية جذبتني الدعايات التي وعدتني بتحقيق أرباح كبيرة، فتركت تجارتي في سوق الأغنام ودخلت عالم الفوركس، فخسرت أكثر منى 80 ألف دولار، فعدت لتجارتي وبعد أن جمعت مبلع 70 ألف دولار قررت العودة للفوركس على أمل تعويض خسارتي الأولى، وبعد جلسات من الربح اعتقدت أنني صرت خبيراً فيها، لأخسر كل ما جمعته في جلسة واحدة".
ويضيف: "مع كل هذا لم أتعلم الدرس، وكان هاجس تعويض خسارتي مسيطراً عليّ، فجمعت نحو 100 ألف دولار وعدت للفوركس، وتكرر الأمر معي وكأنه لعبة، ربحت نحو 12 ألف دولار في شهر، ثم عدت وخسرت كل رأس مالي في يومين، بعدها قررت عدم العودة له مهما كانت المغريات، كان درساً تعلمته بـ 250 ألف دولار".
التعليق:
ولا زلنا نرى الإعلانات في الصحف الألكترونية _______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
اندفع كثير من السعوديين بشكل محموم نحو تجارة العملات عبر منصات التداول العالمية، مخدوعين بالإعلانات التي
تروج لهذا النوع من التجارة وتغفل مخاطرة العالية، ما عرّض آلاف المواطنين لخسائر تتجاوز العشرة مليارات دولار في السنوات الثلاث الأخيرة فقط، وفق تقديرات مصادر مصرفية في السعودية.
وتصطلح الأسواق العالمية على تسمية هذا النوع من التجارة باسم "فوركس"، ويعني تغيير العملات، غير أن شَرَكا ما تنصبه شركات غربية وأحياناً إسرائيلية تقوم بدور الوسيط المالي، بهدف استنزاف أموال المضاربين العرب في هذه التجارة، حيث تقدم تلك الشركات تسهيلات أكبر من تلك التي تقدمها المصارف العالمية التي توفر منصات للتداول، لكن في المقابل تكون الخسائر والمخاطر أعلى بكثير.
وكلما كانت خسائر المتداول السعودي أكثر، كلما كان ربح شركات الوساطة الوهمية أكثر، إذ لا توفر هذه الشركات التي لا تكاد تفتح موقعاً إلكترونياً عربياً إلا وتجد إعلاناتها، منصات تداول حقيقية، لكنها توهم المتداول بتنفيذ الصفقات التي يطلبها وتستفيد هي من خسائره، إذ تقل فرص تحقيق الأفراد أرباحاً من هذه التجارة لدرجة قد تصل إلى الانعدام.
ولا توجد أرقام دقيقة لحجم تجارة السعوديين في الفوركس عالي المخاطر، لكون 80% منها تتم عبر مواقع إلكترونية لشركات غير معروفة.
"تتداول شركات الترويج أرقاماً حول انضمام 600 ألف سعودي لسوق الفوركس العالمية
"
ولا تقتصر التجارة في الفوركس على السعوديين وحدهم بالمنطقة العربية، إذ عرفت هذه التجارة طريقها إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق وليبيا وتونس والمغرب، منذ تسعينات القرن الماضي، لكن يبقى السعوديون هم الأكثر إقبالاً.
مخاطر عالية
يشدد المحللون الماليون على أن التأرجح الكبير في سوق العملات أشد خطورة من سوق الأسهم، وتتضاعف الخطورة عند من لا يعرف أصول اللعبة ولا يمتلك الوسيلة الإلكترونية المناسبة للتداول المباشر والتي تستلزم السرعة والوضوح وأن يكون المضارب قادراً على التفاعل مع الأخبار العاجلة المؤثرة في أسعار العملات وأن تكون لديه بوابات سريعة للوصول إلى هذه الأخبار من مصادرها الأولى، مع فهم كبير لحركة الاقتصاد العالمي وحركة الاقتصاد داخل دول المجموعات الاقتصادية العملاقة.
وتتمحور مخاطر الفوركس في أمور عدة، أهمها أن المتداول لا يعرف الجهة التي يتعامل معها. وفي هذا، يؤكد الخبير المالي فضل البوعنين أن من يتعامل مع مواقع مجهولة قد يضع نفسه في موقف صعب عندما يكتشف أنه يتعامل مع شركات إجرامية مثلاً.
ويقول لـ "العربي الجديد": "المضاربة في العملات موجودة في كل الدول ومتاحة للجميع، ولكن مخاطر الفوركس التي تكون عن طريق التعامل بالعملات عبر الانترنت، أن المتعامل معها لا يعرف هو يتعامل مع من، هل هي شركة حقيقية أو منظمة وهمية، أو عصابات إجرامية".
اقرأ أيضاً: السعودية تقترض 27 مليار دولار في 5 أشهر
ويشدد البوعنين على أن مشكلة الفوركس تكمن في أن البنوك والوسطاء يقدمون تسهيلات كبيرة للمضاربين، وتصل لأكثر من 700% من رأسماله، فعندما يفتح المضارب الحساب بـ 100 ألف دولار، يُقدم له الوسيط المالي تسهيلات تمكّنه من المضاربة بـ 700 ألف دولار، ولكن شرط أن الوديعة إذا نزلت عن 10% من المبلغ يقوم البنك ببيع العملات دون الرجوع للمضارب وبخسارة مهما كانت الخسائر.
ويضيف: "هنا يكون البنك ضمن قرضه، ولكن المضارب خسر كل رأس ماله، فالبنك أو الشركة الممولة لا يهمها أن يخسر المضارب أو يربح، فهي رابحة في كلا الحالتين من خلال البيع ومن خلال فوائد القرض".
تسويق ضخم
ينصح رئيس مركز سهم المالي منير بوبشيت السعوديين بعدم الدخول في أسواق العملات لما تنطوي عليه من مخاطر كبيرة تتسبب بفقدان كامل رأس المال في جلسة واحدة لعدم الخبرة، محملاً ما يحدث للجهات المالية التي لا تقوم بواجبها التوعوي كما يجب. ويقول لـ "العربي الجديد": "هناك تسويق كبير لهذا النوع من الاستثمار، ويقابل ذلك جهل كبير من المستثمرين منعدمي الخبرة، والنتيجة تكون الإفلاس".
"لا توجد أرقام دقيقة لحجم تجارة السعوديين في الفوركس عالي المخاطر، لكون 80% منها تتم عبر مواقع إلكترونية لشركات غير معروفة
"
وبينما تتداول شركات الترويج أرقاماً حول انضمام 600 ألف سعودي لسوق الفوركس العالمية، يؤكد الخبير المالي عوض الفدعق، أن هذه الأرقام مضللة ولا صحة لها، وهدفها جر المستثمرين لهذه السوق، مشدداً على أنه لا توجد أرقام دقيقة للمتعاملين في سوق العملات المرتفعة المخاطر.
ويقول لـ "العربي الجديد"، إنه لا ينصح بدخول سوق العملات لغير المختصين لأنها تستخدم في الأساس للتحوط ضد مخاطر أسعار الصرف من قبل التجار والمستوردين للاستفادة من التقلبات التي تجري على العملات الرئيسية مقابل الدولار الأميركي. ويتابع الفدعق: "هذه الأسواق الخاصة لكبار المتعاملين والمحترفين لا تستخدم للمضاربة لأن فها مخاطر عالية جداً".
خسائر متواصلة
من المضاربين عديمي الخبرة، يزيد السليمان، الذي خسر أكثر من مرة مبالغ كبيرة في هذه السوق، دون أن ينجح في معرفة خفاياها، فبعد أن خسر في المرة الأولى أكثر من 80 ألف دولار عاد في المرة الثانية وخسر 70 ألف دولار وفي الثالثة 120 ألف دولار، قبل أن يقتنع تماماً أنه لا يمكن أن ينجح فيها.
يقول السليمان لـ "العربي الجديد": "في البداية جذبتني الدعايات التي وعدتني بتحقيق أرباح كبيرة، فتركت تجارتي في سوق الأغنام ودخلت عالم الفوركس، فخسرت أكثر منى 80 ألف دولار، فعدت لتجارتي وبعد أن جمعت مبلع 70 ألف دولار قررت العودة للفوركس على أمل تعويض خسارتي الأولى، وبعد جلسات من الربح اعتقدت أنني صرت خبيراً فيها، لأخسر كل ما جمعته في جلسة واحدة".
ويضيف: "مع كل هذا لم أتعلم الدرس، وكان هاجس تعويض خسارتي مسيطراً عليّ، فجمعت نحو 100 ألف دولار وعدت للفوركس، وتكرر الأمر معي وكأنه لعبة، ربحت نحو 12 ألف دولار في شهر، ثم عدت وخسرت كل رأس مالي في يومين، بعدها قررت عدم العودة له مهما كانت المغريات، كان درساً تعلمته بـ 250 ألف دولار".
التعليق:
ولا زلنا نرى الإعلانات في الصحف الألكترونية _______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..