الأحد، 7 سبتمبر 2025

💢الحق في النسيان: بين أوروبا والسعودية

     ظهر الحق في النسيان في أوروبا بدايةً عبر القضاء، حين أصدرت محكمة العدل الأوروبية في 2014 حكمها الشهير في قضية Google Spain، وأقرت أن للفرد أن يطلب من محركات البحث إزالة روابط قديمة أو غير ملائمة لا تعكس واقعه الحالي. ومن هنا وُلد هذا المفهوم قانونًا، ثم كُرِّس صراحة في اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) لعام 2018، حيث نصت المادة 17 على "الحق في المحو".
حكم المحكمة (الدائرة الكبرى)،،

النظام الأوروبي أعطى الفرد سلطة طلب حذف بياناته في عدة حالات: إذا انتهى الغرض من جمعها، أو سحب موافقته، أو كانت المعالجة غير قانونية، أو وُجد التزام قانوني يفرض الحذف. لكنه لم يجعله حقًا مطلقًا، بل وضع استثناءات واضحة، مثل حماية حرية التعبير، أو المصلحة العامة في الصحة والبحث العلمي، أو الالتزامات القضائية.

أما في السعودية، فقد صدر نظام حماية البيانات الشخصية بالمرسوم الملكي رقم (م/19) وتاريخ 1443/02/09هـ، ورغم أن النص لم يذكر مصطلح "الحق في النسيان" بذاته، إلا أنه قرر مضمونًا مشابهًا. فـ المادة (4) منحت صاحب البيانات الحق في طلب محوها أو إتلافها متى انتفت الحاجة لها أو انتهى الغرض الذي جُمعت من أجله، أو متى ثبت أنها غير صحيحة.
وهنا يجدر التوضيح أن المادة (18) من النظام تتعلق بالتزامات الجهة في شأن المحو التلقائي عند انتهاء الغرض من جمع البيانات، بينما الحق المباشر للفرد في طلب المحو هو ما نصّت عليه المادة (4).

النظام السعودي كذلك وضع استثناءات، منها: إذا كانت هناك التزامات نظامية بالاحتفاظ بالبيانات، أو لأغراض قضائية وأمنية، أو لغايات البحث العلمي وفق ضوابط محددة.

وفي الجانب الرقابي، نجد أن أوروبا تعتمد على سلطات حماية بيانات مستقلة في كل دولة، تتابع وتراقب، وتفرض جزاءات مالية مشددة على المخالفين. بينما في السعودية، أُسند الإشراف إلى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، التي تتولى تنظيم المعالجة وحوكمة البيانات والإشراف على التزامات الجهات.

ومن هنا طلب إزالة المحتوى الذي يحتوي على معلومات شخصية من نتائج بحث Google، وهذه الخدمة متاحة لجميع الدول :

ملاحظة /  أن إزالة البيانات من Google ما يعني بالضرورة حذفها من الإنترنت نفسه، بل إخفاءها من نتائج البحث فقط (بينما الحذف الكامل يكون عند الجهة الأصلية المحتفظة بالبيانات).

مثال عملي توضيحي:

للتوضيح، لو أن شخصًا نشر في الماضي بيانات مالية أو إعلانية باسمه ، أو شيء من ما يتم نشره على الإنترنت،ثم تغير وضعه ولم يعد يرغب بظهور هذه البيانات عند البحث عنه:
في أوروبا: يستطيع التقدم بطلب إلى محركات البحث مثل Google لإزالة هذه الروابط، ويكون الطلب ملزمًا متى انطبقت الشروط.
في السعودية: يستطيع التقدم إلى الجهة التي تحتفظ بالبيانات – مثل بنك أو منصة إلكترونية أو أي جهة تحتفظ ببياناته – بطلب محوها أو إتلافها إذا لم يعد هناك مبرر مشروع للاحتفاظ بها، إلا إذا كان هناك التزام نظامي يحتم إبقاءها .
💢كتبه/ مازن المليح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..