في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا
بوتيرة غير مسبوقة، بات الذكاء الاصطناعي يقتحم كل زاوية من زوايا حياتنا،
حتى الخاصة منها.
وقد ظهر مؤخرًا ما يعرف بـ"ستايل Ghibli" الذي يتيح تحويل الصور الشخصية إلى رسومات" أنمي" جذابة.
وقد انجرفت وراء هذا الترند ملايين النساء والفتيات المسلمات، ظنًا منهن أنه مجرد تسلية بريئة، دون إدراك لعمق الخطر التقني والشرعي الكامن وراء هذا الفعل.
وقد انجرفت وراء هذا الترند ملايين النساء والفتيات المسلمات، ظنًا منهن أنه مجرد تسلية بريئة، دون إدراك لعمق الخطر التقني والشرعي الكامن وراء هذا الفعل.
أولًا: كيف يعمل الذكاء الاصطناعي على جمع الصور؟
1. قاعدة البيانات والتدريب (Training Datasets):
عندما
تقوم برفع صورتك إلى أي تطبيق ذكاء اصطناعي - سواء كان لتحويلها إلى رسمة
أو لتعديل ملامحها - فإن الصورة لا تُستخدم فقط لإنتاج النتيجة، بل تُخزن
في خوادم الشركة وتُدرج ضمن ما يسمى بـ"مجموعة البيانات التدريبية"
(Training Dataset).
هذه المجموعات تُستخدم لاحقًا لتدريب نماذج أكثر تطورًا من الذكاء الاصطناعي.
هذه المجموعات تُستخدم لاحقًا لتدريب نماذج أكثر تطورًا من الذكاء الاصطناعي.
أي أنكِ، دون وعي، تصبحين جزءًا من محتوى يُغذّي نظامًا قد يُستخدم لأغراض لا يمكنك السيطرة عليها.
2. استخدام الصور بعد التخزين:
بعد تخزين الصور، يمكن أن تُستخدم:
في تطوير خوارزميات التعرف على الوجوه (Facial Recognition).
في إنشاء شخصيات افتراضية مزيفة (Deepfakes).
في تجارة البيانات، حيث تُباع صور المستخدمين لشركات إعلانية أو أطراف ثالثة.
في التدريب على أنظمة مراقبة رقمية متقدمة، قد تُستخدم في أنظمة تتجسس على الشعوب أو تُسخّر لأهداف سياسية.
ثانيًا: ماذا يحدث عندما ترفعين صورتك بلا حجاب؟
حتى
إن لم يكن التطبيق نفسه خبيثًا، فإن رفع صورة بدون حجاب - حتى لثوانٍ -
يعني أن نسخة رقمية من وجهك بدون غطاء أصبحت ملكًا تقنيًا للمنصة، بحجة أنك
وافقت على شروط الخدمة التي أغلب الناس لا تقرأها. في هذه الشروط غالبًا
ما تنص الشركة على:
> "لنا الحق في تخزين ومعالجة واستخدام أي محتوى يتم رفعه لأغراض تطوير الخدمة أو تسويقها أو مشاركته مع شركائنا."
ثالثًا: التأصيل الشرعي
1. حفظ العورة وصيانة الحياء:
قال تعالى:
"قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ" [النور: 31]
الصورة الرقمية تُعد كشفًا للزينة إن أُظهرت فيها ملامح الوجه أو الجسد، وهي داخلة في النهي القرآني عن إبداء الزينة لغير المحارم.
2. القاعدة الفقهية: "الضرر لا يزال بالضرر"
ما
دام من المتيقن أو الغالب على الظن أن هذه الصور تُستعمل لاحقًا فيما يضر
المرأة في دينها أو عرضها أو خصوصيتها، فإن من الواجب دفع هذا الضرر.
3. مسؤولية الولي وحرمة التفريط:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" [متفق عليه]
فالولي مسؤول شرعًا عن منع زوجته أو ابنته من الوقوع في ما يضرها دينيًا وتقنيًا، خاصة في بيئة رقمية تُستباح فيها الخصوصيات.
رابعًا: الذكاء الاصطناعي وخطر خلق "البديل المزيف"
من
أخطر الاستخدامات المعاصرة هو ما يُعرف بـ"الهوية الرقمية المزيفة"، حيث
يمكن لنظام ذكاء اصطناعي - باستخدام صورتك - أن يصنع فيديو مزيفًا لك
(Deepfake) وأنت تقولين أو تفعلين شيئًا لم تقومي به قط.
هذا يُدخلنا في باب القذف التكنولوجي والافتراء الرقمي، والذي له وعيد شديد في الشرع:
قال تعالى:
"إِنَّ الَّذِينَ يُرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" [النور: 23]
فهل نرضى أن نكون سببًا في تمكين هذه التقنية علينا أو على غيرنا؟!
خامسًا: الحل والبديل
عدم رفع أي صورة شخصية لأي منصة ذكاء اصطناعي مهما كانت.
توعية النساء بخطر التساهل في الخصوصية الرقمية.
التوقف عن اللهث خلف كل "ترند" دون وعي.
طلب الفتوى من أهل العلم في كل ما استجد من نوازل تكنولوجية.
خاتمة:
نحن
نعيش في عصر الفتن الرقمية، حيث تُباع الخصوصية مقابل لحظة إعجاب أو رسمة
خادعة. وكما قيل قديمًا: "إذا لم تدفع مالًا فأنت هو المنتج."
فكيف إذا كنتِ تدفعين صورتك، وحياءك، وهويتك، لتكوني وقودًا في آلة لا ترحم؟!
فلنتقِ الله في أنفسنا وأهلينا، ولا نكن عونًا للشيطان على أنفسنا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..