دقّ تجّار تجزئة في الإمارات ناقوس الخطر بعد تداول الأنباء عن استحواذ عملاق التجزئة الإلكترونية «أمازون.كوم» على موقع التجارة الإلكترونية «سوق.كوم»، منبهين من يعنيهم الأمر أن
مثل هذا الاستحواذ، وما يرافق دخول عمالقة الإنترنت من تبعات يهدد كل ما تم بناؤه على مدى عقود.وفي الوقت الذي يبدو أن مجموعة «ماجد الفطيم» تراجعت عن صفقة شراء «سوق»، برز العرض المقدّم من «إعمار مولز» بقيمة 800 مليون دولار للاستحواذ على الموقع الأشهر في المنطقة للتجارة عبر الإنترنت.
موافقة «أمازون» الأمريكية من حيث المبدأ على الاستحواذ بالكامل على الموقع الإلكتروني، حرّك المياه الراكدة في سوق التجزئة على المستويين المحلي والإقليمي، وإن كان تجار التجزئة في الإمارات يعتبرون أنفسهم الأكثر تضرراً، لما يتمتع به القطاع في الإمارات من مكانة رفيعة تم تعزيزها على مدى سنوات، حتى بات القطاع جزءاً مهماً في دورة الاقتصاد الوطني؛ حيث يمثل قطاعا التجزئة والجملة 11% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، و30% من الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي بالتحديد.
وبيّن مراقبون أن الأمر إذ يبشّر بنمو قطاع مبيعات التجزئة الإلكترونية، إلا أنهم نبهوا إلى المحاذير التي ينبغي التنبه لها في قطاع لا يزال يعد حديث العهد في المنطقة، لجهة النظم والتشريعات الضرورية لحماية المستهلك أولاً، وتجار التجزئة ثانياً.
منافسة شديدة
وتشتد المنافسة بين منصات بيع التجزئة الإلكترونية، وهو القطاع الذي يشهد نمواً مطرداً في المنطقة والعالم، ويقول أحد المراقبين: «أكاد لا أبالغ إذا قلت إننا أمام حالة من الطفح في هذا المجال؛ حيث نجد منصة رقمية جديدة في كل يوم».
وتتوقع دراسة لمؤسسة «اي تي كيرني» الاستشارية، أن ينمو نشاط التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط من 5.3 مليار دولار في 2015، إلى أكثر من 20 ملياراً بحلول 2020، وبنسبة نمو سنوية 30%، فيما تتوقع أن يواصل قطاع تجارة التجزئة في الإمارات نموه المضطرد ليصل إلى 264 مليار درهم بحلول عام 2021.
وفي الإمارات على وجه الخصوصة، فإن البنية التحتية المتطورة، هي داعم كبير لنمو القطاع لجهة الكفاءة اللوجستية، وانعدام القيود المفروضة على التجارة بين الحدود، علاوة على سهولة نظم الدفع الإلكتروني وانتشار الإنترنت.
يعد قطاع التجزئة بين القطاعات الاستراتيجية الأكثر أهمية وحيوية ضمن منظومة اقتصاد دولة الإمارات، فخلال السنوات الخمس الماضية، سجل قطاع التجزئة نمواً سنوياً مركباً بنسبة 7.2% ليصل حجم القطاع إلى 208 مليار درهم في عام 2016.
محرك الطلب
ويعد قطاع التجزئة محركاً للطلب على العديد من القطاعات المختلفة التي تتضمن أنظمة الدفع والخدمات المالية والسياحة والضيافة والتجارة والخدمات اللوجستية.
وتمثل تجارة التجزئة الإلكترونية اليوم 2% فقط من إجمالي تجارة التجزئة، إلا أنه من المتوقع أن تسجل توسعاً كبيراً خلال السنوات المقبلة، بالنظر إلى التوقعات والعوامل التي تدعم هذه التوقعات، وأهمها العامل الديموغرافي، وانتشار الهواتف الذكية، وسرعة شبكات الإنترنت في الدولة، فضلاً عن انتشار بطاقات الائتمان.
وحذر تجار استطلعت «الخليج» آراءهم من دخول شركات عالمية كبرى، مثل: «أمازون» و«علي بابا» و«اي باي» إلى أسواق الإمارات، وهي - حتى قبل دخولها - تستأثر بنصيب كبير من مبيعات التجزئة على الشبكة العنكبوتية، وبالتالي فإن الخوف من أن تسيطر هذه الشركات بسرعة على الأسواق.
وضرب أحد التجار مثالاً على ذلك سيطرة شركة «أمازون» على أسواق التجزئة في غرب أوروبا ليس فقط عبر الأسعار التنافسية التي توفرها، بل أيضاً عبر التشكيلة الكبيرة من المنتجات التي تطرحها.
سوق نشطة
وتعد الإمارات سوقاً نشطة ومدخلاً إلى أسواق دول الخليج والعالم العربي ككل، وهذا ما يفسر المساعي من قبل عملاقي التكنولوجيا «أمازون» لشراء «سوق.كوم» و«علي بابا» التي افتتحت مركز بيانات لها في دبي.
ونبّه الخبراء مما هو أخطر من ذلك، الذي قد يطال خصوصيات الأفراد من خلال الحصول على بيانات المتسوقين، والاستفادة منها بما يتناقض مع جهود الإمارات في تعزيز حرية السوق والترويج التجاري مع الرؤية المستقبلية طويلة الأمد لرفاهية شعب الإمارات والمقيمين فيها.
وطالب التجّار من خلال «الخليج» الجهات المسؤولة بأخذ هذه المخاوف على محمل المسؤولية، والتعرف إلى التعقيدات المترتبة على دخول وتوسع هذه الشركات على مستقبل القطاع في الإمارات، والأخذ بتجارب الدول الأخرى التي سبقت في تشريعاتها وأنظمتها، فألزمت على سبيل المثال الشركات الأجنبية بإنشاء شراكات محلية، ونظمت أنشطة الدفع من خلال الحد من امتلاك وتشغيل شبكات الدفع بواسطة الشركات الأجنبية، كما حدت من تملك الشركات الأجنبية لشبكات الخدمات اللوجستية الرئيسية، إضافة إلى إلزام المشغلين بالاحتفاظ ببيانات المستخدمين على خوادم محلية.
تاريخ النشر: 28/03/2017
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..