الأربعاء، 6 يناير 2016

حقوق المستهلك.. «ضايعة»!

معرفة المستهلك بحقوقه تردع المتلاعبين في الأسعار وفي جودة البضائع
تحقيق – سحر الرملاوي

   اغلبنا يتعامل مع الاستهلاك السلعي أو الخدمي بمنطق "ليس بالإمكان ابدع مما كان" بمعنى أننا نأخذ ما يعطيه لنا التاجر أو الجهة الخدمية بغض النظر عن كونه يطابق ما دفعنا مقابله أم لا وكثير منا – كمستهلكين – يقبلون على مضض بخسارة معينة في منتج أو خدمة من باب "المسامح كريم" أو أن الأمر لا يستحق معاناة المطالبة بحق أو السعي وراء استرداد قيمة دفعناها لشيء لم نحصل عليه بالشكل المطلوب.. وعينا قليل وصبرنا على المطالبة بحقوقنا أقل، وثقافتنا القائمة على التسامح لا تضع خطا فاصلا بين التنازل المرفوض والتسامح المقبول.
ثقافتنا ووعينا
ذكرت أم عبدالمعين العتيبي أنّها إذا وجدت منتجاً غير مطابق للمواصفات والمقاييس تحرص على استعادت قيمته، وتطارد البائع حتى تحصل عليها، لافتةً إلى أنّ هناك سلعا تمس حياة المستهلكين وتؤثر فيها، كالدفايات، وكوابل الكهرباء، مصنعة بطريقة رديئة وتحقق الموت لمن يستخدمها، مثلا العطور المقلدة التي تملأ محلات كل شيء بريالين، وهي كما قرأ الجميع تسبب أمراض الحساسية والجلدية لمستخدميها، إلى جانب أنواع الحلويات التي تمتلئ بالصبغات والسكريات والألوان الصناعية، وهي في متناول الصغار.
ورأت زايدة الراهي أنّ المستهلك يشعر أنّ عليه أن يكون خبيراً في كل شيء، فهو يجد الكثير من الرسائل التي تزيد من شكوكه، مثلاً: المنتج الفلاني به مادة كذا التي تحتوي على مشتقات مخالفة، أو على مادة تسبب تلف الأعصاب أو ضمور المخ، أو مواد مسرطنة، ومع ذلك يجدها على رفوف المحال التجارية، مضيفةً: "أساساً لا يعرف الكثير من المستهلكين لم يقدموا شكواهم إذا ما صادفوا ما يسيء لهم أو يضر بهم".
اربح بوعيك
واعتبرت أسماء بنت عبدالله العجلان - مستشارة قانونية - أنّ وعي المستهلك بحقوقه لا يزال دون المستوى المأمول، وليس من الممكن إعطاء نسبة مئوية دون عمل دراسة ميدانية، ولكن لا تختلف الحقوق الاستهلاكية في كون المستهلك رجلا أو امرأة والثقافة الحقوقية لكليهما أقل مما نطمح له، مشيدةً بإطلاق عدة حملات توعوية بالحقوق الاستهلاكية والتي يجهلها الكثير، كما خصصت رقما لتلقي بلاغات المستهلك وهو 1900 كما يمكن للمستهلك التقدم بالبلاغ إلكترونياً عبر تطبيق وموقع وزارة التجارة، مبيّنةً أنّ المادة الحادية عشرة من نظام مكافحة الغش التجاري حددت مكافأة تشجيعية لا تزيد على (25%) من مقدار الغرامة المستحصلة لمن يساعد في الكشف عن حالات الغش التجاري التي تؤدي إلى ضبط المخالفين وإدانتهم، وهذا يشجع المستهلكين في التعرف على مالهم من حقوق.
وقالت إنّ المادة الثانية عشرة من نظام مكافحة الغش التجاري ذكرت بأنّه يحق لمن أصابه ضرر من المنتج المغشوش طلب التعويض أمام الجهة القضائية، ويحق له أيضاً طلب إعادة قيمة المنتج المغشوش خلال مدة لا تتجاوز (30) يوماً من تاريخ الشراء، ولا يمكن أن نحصر أضرار

شكاوى الغش والاحتيال والتدليس والتلاعب في الأسعار لا تكفي دون وعي بالحقوق والمطالبة بها المستهلك في الغش التجاري فقط، وقد حدد نظام مكافحة الغش التجاري الحالات التي يكون فيها المنتج مغشوشاً، وذلك في المادة الأولى منه حيث ذكرت أن "كل منتج دخل عليه تغيير أو عبث به بصورة ما مما أفقده شيئا من قيمته المادية أو المعنوية، سواء كان ذلك بالإنقاص أو بالتصنيع أو بغير ذلك، في ذاته أو طبيعته أو جنسه أو نوعه أو شكله أو عناصره أو صفاته أو متطلباته أو خصائصه أو مصدره أو مقدره سواء في الوزن، أو الكيل، أو المقاس، أو العدد، أو الطاقة، أو العيار، وكذلك كل منتج غير مطابق للمواصفات القياسية المعتمدة. والمنتج الفاسد الذي لم يعد صالحا للاستغلال أو الاستعمال أو الاستهلاك".
عقاب وتشهير
ولفتت العجلان إلى انّ النظام شدد على المخالفات كالخداع أو الغش، أو صنع منتجات مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة، ويعاقب بموجب من يتجاوز بغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال، أو السجن مدة لا تزيد على سنتين، أو بهما معا، ويجوز الحكم بإغلاق المحل المخالف مدة لا تتجاوز سنة، كما يلتزم المخالف بسحب المنتج المغشوش، وإعادة قيمته للمشتري، موضحةً أنّ النظام ذكر أن لهيئة التحقيق والادعاء العام منع سفر من يثبت التحقيق ارتكابه مخالفة لأحكام النظام إلى أن يصدر الحكم النهائي في القضية، فإذا صدر الحكم بالإدانة تقضي الجهة المختصة بإبعاد الأجنبي عن المملكة بعد تنفيذ الحكم، ولا يسمح بعودته إليها للعمل بعد ذلك.وأضافت إنّ المادة الرابعة والعشرين ذكرت أنّه "إذا عاد المخالف إلى ارتكاب أي من المخالفات المنصوص عليها خلال خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم نهائيا، يعاقب بعقوبة لا تزيد على ضعف الحد الأعلى للعقوبة المقررة للمخالفة، فإن عاد مرة أخرى فبالإضافة إلى العقوبات المقررة يحرم من مزاولة النشاط التجاري مدة لا تزيد على خمس سنوات"، وينشر على نفقة المحكوم عليه ملخص الحكم النهائي بالإدانة في إحدى المخالفات المنصوص عليها في جريدتين يوميتين تصدر إحداهما في المنطقة التي وقعت فيها المخالفة أو أقرب منطقة لها.
حماية المستهلك
وأوضح الدكتور عبدالرحمن يحيى القحطاني - أمين عام جمعية حماية المستهلك - أنّ المجتمع محق تماما بسؤاله ومطالبته الجمعية بتبني برامج فعالة ومنتجة، خصوصاً وأن المخرجات السابقه لم تف بتطلعات المستهلك السعودي، وشابها الكثير من المعوقات الإدارية والمالية، وعدم وضوح الرؤية لواقع المستهلك في المملكة وأولياته، موضحاً أنّه لتلافي الكثير من التحديات والأخطاء فالمجلس التنفيذي الحالي يسعى لصنع البنية التحتية للجمعية، وتوفير مقومات النجاح للبيئة الداخلية لها من خلال تطوير اللوائح الإدارية والمالية والتنظيمية للجمعية، وتعزيز الموارد البشرية بعناية، وتحديد أولويات العمل والاستراتيجيات والبرامج والأنشطة، وذلك من خلال منهجية علمية مؤسسية تستند على معطيات واقعية وعملية قابلة للتطبيق، وتتوافق مع احتياجات المستهلك الفعلية. وأضاف: نحن في الجمعية نتلقى شكاوى المستهلك، المتعلقة بالاحتيال والغش والتدليس والتلاعب في السلع أو الخدمات والمغالاة في أسعارهما، والتضليل عن طريق الإعلانات في الصحف وغيرها عبر تقديم شكوى للجمعية من خلال أربعة مسارات رئيسة الأول من خلال نظام الشكاوى عبر نموذج الشكاوى في موقع الجمعية الإلكتروني والمسار الآخر من خلال تقديم الشكوى عبر هاتف الجمعية مباشرة، وهنا أيضا يتم أخذ المعلومات المتعلقة بالشكوى ونوعيتها ويتم التعامل معها، أما المسار الثالث فيتم من خلال الحضور مباشرة للجمعية أو عبر البريد كمسار رابع، وفي حال تعثر معالجة المشكلة من قبل القطاع الحكومي المعني فهنا يحق للجمعية أن تتدخل مجددا وتخاطب القطاع الحكومي مباشرة للتوصل إلى حل للشكوى وفق الأنظمة كما يحق للجمعية التواصل مباشرة مع المؤسسة أو الشركة المُشتكى عليها والعمل على معالجة المشكلة معها مباشرة، ورفع ذلك إلى الجهات المختصة، ومتابعتها.
وأشار إلى مساندة جهود الجهات الحكومية المعنية بحماية المستهلك، وإبلاغ تلك الجهات بكل ما يمس حقوق المستهلك ومصالحه وإعداد الدراسات والبحوث، وعقد المؤتمرات والندوات والدورات، وإقامة المعارض ذات العلاقة بنشاط حماية المستهلك، ونشر نتائج تلك الدراسات والبحوث، وذلك وفقًا للأنظمة والتعليمات وبالطبع توعية المستهلك بطرق ترشيد الاستهلاك وتقديم المعلومات والاستشارات الضرورية له واقتراح الأنظمة ذات الصلة بحماية المستهلك وتطويرها وكذلك تمثيل المستهلك في اللجان والهيئات المحلية والدولية ذات العلاقة بحماية المستهلك، والتعاون معها والمشاركة في أنشطتها المتعلقة بأهدافها، وذلك وفق الإجراءات النظامية المتبعة.
قصور الوعي
واعترف د. القحطاني أنّ لدينا قصورا شديدا في الدراسات والأبحاث الوطنية المعنية بقياس مستوى المعرفة والممارسة تجاه حقوق المستهلك ومسؤولياته في المملكة، وبالتالي يصعب تقييم الوعي في ذلك الجانب بشكل دقيق، إلاّ أنّ المتابع والمطلع بشكل مستمر لوضع الوعي الاستهلاكي في المجتمع بما في ذلك الحقوق والواجبات يشعر بأن هناك قصورا واضحا، موضحاً أنّه مع أنّ العديد من القطاعات الحكومية بدأت في الاهتمام بهذا الجانب، وفي مقدمتها وزارة التجارة ووزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة الغذاء والدواء، إلاّ أنّ تلك الجهود بحاجة لمزيد من التطوير وتوفير الموارد البشرية والمادية، مع التركيز على تبني برامج توعوية وطنية لرفع الوعي الحقوقي للمستهلك، والطريق واسعة جدا في هذا الجانب، لافتاً إلى استعداد الجمعية للشراكة مع أي من القطاعات الحكومية للإسهام سوية في تعزيز الوعي في المجتمع في ذلك، وهي تفتح ذراعيها للتعاون معها.
وأضاف إنّ الجمعية توجه دعوة للقطاعات الحكومية والمراكز البحثية والأكاديمية في المملكة ذات العلاقة بالدراسات المعنية بسلوك المستهلك ومستوى المعرفة والممارسة تجاه حقوق المستهلك وواجباته، بأهمية التركيز على هذا الجانب وإعطائه مزيدا من الدعم والموارد، وترحب الجمعية بأي تعاون في هذا الجانب والجمعية تفتح ذراعيها لكل من يريد الإسهام في التطوع معها في كافة المجالات التي تعمل بها، سواء في مجال التوعية، أو الاستشارات، أو إجراء الدراسات والأبحاث، أو بناء القدرات والتدريب، وغيرها من المجالات ذات العلاقة، داعياً المختصين والمهتمين إلى الاشتراك في عضوية الجمعية ليكون لهم الأحقية في المشاركة في الجمعية العمومية والتي تمثل السلطة العليا لها، حيث تتولى وضع السياسات العامة، واعتماد التقارير والميزانيات السنوية، كما أن من صلاحية الجمعية العمومية انتخاب ثلثي أعضاء المجلس وثلثي الأعضاء الاحتياطيين.

مراقبة الأسعار مسؤولية مشتركة بين المستهلك والجهات المعنية




الثلاثاء 18 ربيع الأول 1437 هـ- 29 ديسمبر 2015م - العدد 17354

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..