الاثنين، 6 أكتوبر 2025

💢الاسم التجاري بين الحماية النظامية والعدالة الواقعية!!!

     كثيرٌ من الناس وللأسف الشديد لا يعلمون بالأنظمة، ولا يحيطون بالقواعد المنظمة للأسماء التجارية. فتجده يفتح متجره، ويضع له اسمًا عرف به بين الناس، ويكدّ ويتعب ويبني سمعته عامًا بعد عام، حتى أصبح هذا الاسم جزءًا من ثقته في السوق، يكتب به فواتيره، ويوقّع به عقوده، ويدخل به في الإعلانات والمراسلات معروفاً به عرفاً وعادة .

غير أنه، بقصد الجهل أو بقصد التسويف، لم يتقدم لتسجيل هذا الاسم في وزارة التجارة، ولم يبلّغه أحد بأن الاسم مخالف أو بحاجة لحجز. 
وفي غمرة هذا الانشغال، يأتي شخص آخر، يلمح اللوحة، يعجبه الاسم، فيسارع بتسجيله باسمه رسميًا. وعند نشوب الخلاف، تُعطى الأفضلية للمسجَّل، ويُهدر جهد الأول وحقه المعنوي الذي بناه بالعمل الفعلي.

وهنا موطن الإشكال:
هل العدالة تقتضي أن يُعتبر صاحب الاسم هو من ضغط زر التسجيل أولًا؟
أم أن العدالة في أن يُعترف بالأسبقية الفعلية، بالاستعمال الحقيقي أمام الجمهور، وبالقرائن الواضحة من فواتير وعقود ودعاية ومراسلات؟

في فرنسا على سبيل المثال النظام التجاري أخذ بهذا المبدأ؛ فالأولوية لا تُبنى على التسجيل وحده، بل على الاستعمال الفعلي العلني. فإذا ثبت أن التاجر عُرف في السوق باسم معين وارتبطت به معاملاته، كان هو الأحق بالحماية، ولو لم يسجّل بعد. 
بل إن القضاء الفرنسي يقرر أن الاسم التجاري حق ينشأ بالاستخدام، والتسجيل إنما هو توثيق وتقوية.

أما في السعودية، فالنظام الجديد للأسماء التجارية جاء صارمًا، محددًا، مرتبطًا بالتسجيل فقط
والحق أن هذه الصرامة فيها مزية النظام والوضوح، لكنها في ذات الوقت قد تُقصي جانب العدالة والإنصاف،
 إذ لا تراعي حالة من بنى اسمًا بجهده ولم يسجله.

ومن هنا يظهر أن الموازنة مطلوبة:
تسجيل الأسماء ضرورة لحفظ الحقوق وتنظيم السوق.
لكن الاعتراف بالاستعمال الفعلي كأحد مصادر الحماية، ولو بصورة مقيدة، سيكون أقرب للإنصاف، وأدعى لحماية الثقة التي بُنيت بين التاجر والجمهور.

إن الاسم ليس لوحة على جدار فحسب، بل هو ثمرة كفاح وسنين عمل، ومن الإنصاف أن يُعطى الحق لمن استثمر فيه بالعرق قبل أن يُستثمر فيه بالورق، وهذا حق يجب ان يثبت بالأدلة والقرائن .

هذا حكم : فرنسا، محكمة الاستئناف في فرساي، لعام
27 مايو 2004
الشركة الثانية ما عندها تسجيل، لكن كانت تستخدم الاسم قبلها
المحكمة ألغت العلامة وقالت: الحق مع اللي استعمل أول، وليس مع اللي سجّل ثاني.
إذا أنت كنت مستعمل الاسم بجدية وعلنيًا قبل التسجيل، فأنت الأحق ولو ما سجّلته.
بس الشرط: تثبت الاستعمال (فواتير، عقود، دعاية، شهرة في السوق…).
إذا ما عندك دليل على الاستعمال السابق، المسجِّل يُعتبر أحق قانونيًا.
💢كتبه / مازن المليح.
يوم الأحد بتاريخ 1447/04/13هـ الموافق 
2025/10/05م .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..