وتستهدف حماية المستهلك تفعيل اجراءات الرقابة وتعزيز اجراءات الحماية بما يصبُّ في مصلحة المستهلك بصورة أكثر تفاعلاً وإيجابية وجدوى، وبما يرسِّخ ثقافة عامة بين أفراد المجتمع نحو منظومة استهلاكية رشيدة تخاطب المنتج والتاجر والمستهلك بإجراءات رقابية تحد من الممارسات السلبية واللاأخلاقية وغير السوية بكافة صورها والتي من شأنها أن تؤثر على المستهلك وتسيء إليه وتضرُّ به، ومنها عمليات البيع والشراء التي لا تخلو من أساليب يعتورها الزيف والغش والخداع، وبخاصة في عالم اليوم إذ كثرت السلع والمنتجات من كافة الأنواع والأشكال والطرازات والأصناف سواءً أكانت مواد مستهلكة كالمواد الغذائية أم منتجات مصنَّعة كالأجهزة والمعدات والسيارات وقطع الغيار.

ولنأتِ أولاً بالنسبة للمواد الغذائية وهي مجال واسع للغش والتدليس من حيث تحديد القيم وفرض الأسعار والتي تتفاوت بين مكان وآخر انخفاضًا وارتفاعا في المحلات والمتاجر ومراكز التسوق، ثم تأتي صلاحية الاستهلاك لكثير من المواد الغذائية المعلبة إذ نجد أن معظمها قد أوشك (أو كاد) أن يصل للتاريخ المحدد لانتهاء صلاحيته بيد أنه لا يزال معروضًا للبيع لأن التاجر آثر أن يتخلص منه قبل أن يعرض الكميات المخزنة لديه.

كما أن من الواجب تنظيم التخفيضات والمسابقات التجارية، وفرض رقابة مشددة على جودة السلع والخدمات الاستهلاكية لضمان سلامتها وضمان الالتزام بالانظمة واللوائح الصادرة حولها. ولنأت أيضاً لموضوع المعدات والأجهزة الكهربائية حيث لا تخلو من رداء الجودة وتدني الصنع مما يجعلها مصدرًا للمخاطر عند الاستخدام والتشغيل، فمثلاً تلك التوصيلات والمقابس والأسلاك والشواحن قد لا تخلو من عينات مقلدة أو رديئة أو مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات القياسية السعودية المعتمدة في هذا الشأن مما يجعلها عرضة للتلف إلى جانب أنها ذات خطر للمستخدم فتكون سبباً في الصعق الكهربائي أو التلامس أو نشوب الحريق لا قدر الله، كما أن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة قد سبق أن دشنت حملة إعلامية توعوية تهدف إلى رفع درجة الوعي لدى العموم، وتعريفهم بالتوصيلات الكهربائية المطابقة للمواصفات القياسية السعودية، وإبراز المزايا الإيجابية للمعدات والأجهزة الكهربائية المطابقة، والتأثير على السلوك الشرائي والاستهلاكي للمستهلكين لاقتناء أعلاها جودة وأفضلها كفاءة وأقلها استهلاكًا إلى جانب الحد من الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن استخدام المنتجات الرديئة والمغشوشة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات القياسية السعودية.

والآن نأتي جانبًا آخر له أهمية وحساسية بين المستهلك وحماية المستهلك وهو قطاع السيارات الذي هو بلا شك من أوسع القطاعات انتشارًا وأكثرها استخدامًا كوسائط نقل تكاد تكون هي الوسيلة الوحيدة في التنقل والترحال داخل مدننا الكبيرة وبين مناطقنا المترامية، كذلك هي الأكثر حاجة لقطع الغيار والإصلاح والصيانة تبعًا لمتطلبات التشغيل والاستخدام أو من جرَّاء الحوادث التي تقع بين حين وآخر.

والمعروف أن السيارات هي الأكثر تكلفة وإنفاقًا وعبئًا على كاهل المستهلك نظرًا لما تقوم به وكالات السيارات من احتكار لقطع الغيار وأعمال الصيانة وبالتالي التحكم في أسعار تلك القطع والصيانة. فعندما تحتاج مثلاً إلى بعض قطع الغيار ستفاجأ عندئذٍ بسعر هو أكبر بكثير مما كنت تتوقعه لهذه القطعة التي أنت في حاجة اليها، وإذا أمعنت النظر في هذه القطعة التي تريد أن تبتاعها تجد أن سعرها عالٍ ومبالغٍ فيه، ولكن حيث إنك في حاجة ماسة إلى هذه القطعة بالذات فإنك ستدفع القيمة التي تفرضها الوكالة أو التاجر المدونة في سجلاته دون أن يكون لك الخيار في إنقاص السعر أو حتى النقاش والمفاوضة فيه، ولعل هذا أحد المشاكل الحادة والعيوب البارزة لاحتكار قطع الغيار وتكاليف الصيانة واستئثار وكالات محددة لها وغياب المنافسة، وبالتالي لن يكون لدى الوكالة أو التاجر أيُّ رادع في فرض السعر الذي يرياه مناسبًا لهما وليس للمستهلك.

ولهذا يأتي دور حماية المستهلك لتثبيت الأسعار المعقولة على أسعار المواد وقطع الغيار التي يتولى بيعها تجار قطع الغيار والوكالات المتخصصة، ويتم ذلك من خلال وضع هيكل موحد للأسعار وأن يصاحب ذلك رقابة صارمة تحد من الاستغلال وتكبيد المستهلك تكاليف باهظة ومرهقة غير معقولة أو مبرَّرة، ونعتقد أن عدم قصر الوكالات وقطع الغيار والصيانة على وكالات وفئات معينة سيكون في صالح المستهلك عمومًا بل وسيكون هناك بلا شك وفر في المعدات وقطع الغيار وصيانتها وإطالة عمرها التشغيلي.


أ.د. عبدالله محمد الشعلان*
  • جامعة الملك سعود
    الأحد 4 صفر 1445هـ 20 أغسطس 2023م
    المصدر
    _______ مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :