الثلاثاء، 7 أبريل 2015

علاج الآلام المزمنة بواسطة ممارسة الرياضة البدنية

 مم تنبع آلام المفاصل المزمنة، وكيف يمكن معالجتها من خلال نظرة عامة على جسمنا, واتباع نهج متعدد التخصصات العلاجية مثل الرياضة.
تعتبر الام العظام مشكلة شائعة جدا. في معظم الحالات، يكون الالم متمركزا في المفاصل، نتيجة للعبء الميكانيكي، احتكاك المفصل وتاكله، الا انه قد يؤدي الى انعكاس وظهور الالم في اعضاء اخرى في الجسم بعيدة عن المفصل. عندما تصبح هذه المشكلة مزمنة ومصحوبة بالتهابات متكررة، تصبح مستقبلات الالم اكثر حساسية. هل فكرتم بعلاقة ممكنة بين الرياضة وعلاج الالام المزمنة، تابعوا القراءة!
قد يكون الالم المزمن مرتبطا بحالات مرضية اخرى، مثل الصداع، الصداع النصفي (الشقيقة)، التهاب المفصل، الاعتلال العصبي الناجم عن فيروس الهربس النطاقي، داء السكري، خلل في تدفق الدم والامراض السرطانية. وقد تم الاعتراف في السنوات الاخيرة بكون الالم المزمن بصفة عامة، والم المفاصل على وجه الخصوص، مرضا بحد ذاته.
الالم هو الية لحماية اجسامنا، تهدف الى الحفاظ علينا من العوامل الخارجية والداخلية، التي تخل بعمل الجسم السليم. يوجد مركب فيسيولوجي للالم، والذي قد يكون نتيجة لعوامل منبهة مختلفة، مثل:
  1. التحفيز الميكانيكي: يشغل ضغطا مباشرا على العصب، كالانزلاق الغضروفي في العمود الفقري.
  2. التحفيز الكيميائي: الناجم عن مواد سامة او مواد التهابية، كالام البطن النابعة من اضطرابات المعدة.
  3. التحفيز الناجم عن الحرارة والحرق، كما عند التعرض للحروق، على سبيل المثال.
عند تحفيز مستقبلات الالم، يقوم جهاز الاعصاب المحيطي بارسال اشارات الى الدماغ، عن طريق المسار المسؤول عن الالم في الحبل الشوكي. اذا كانت وتيرة وشدة الالم كبيرة، قد تحصل تغييرات ثانوية في جهاز الاعصاب، والتي تؤدي بدورها الى تعزيز مسار الالم وتكريسه، مما يؤدي الى حالة الالم المزمن.
يعتبر الالم ظاهرة تختلف من انسان الى اخر. وفي جميع الحالات، عندما نشعر بالالم، فاننا نشعر بعدم الارتياح، في البداية، ومن ثم نشعر بالخوف ونبدا بالقلق، الامر الذي يجعلنا نلجا الى جهة مختصة طالبين مساعدتها في تخفيف الالم الذي نشعر به.
عندما يدور الحديث عن الام المفاصل، فان العلاج المتبع يشمل مسكنات الالم، الادوية من مضادات الاكتئاب اللاستيرويدية من مجموعة NSAIDS والعلاجات الطبيعية الموجهة الى مناطق معينة. لكن الالم يخف لفترة زمنية قصيرة، وعندما يختفي تاثير مسكنات الالم وتنتهي سلسلة العلاجات الطبيعية، يعود الالتهاب من جديد، ومعه الالم.
وتبدا دائرة الالم من جديد، ترافقها لحظات من الامل تارة ولحظات من الياس تارة اخرى، ما بين فترة يختفي فيها الالم وفترة يعود فيها، دون التخلص بشكل نهائي منه، مع ما يترتب على ذلك من معاناة وشعور بالاحباط. فعلى سبيل المثال، تؤدي الام الظهر المزمنة الى جعل الشخص الذي يعاني منه عاجزا عن القيام باي نشاط.
تؤدي الحلول الفورية الى التخفيف من حدة الالام وتسكينها بشكل مؤقت، الا انه سرعان ما تعود الى سابق حدتها بعد القيام بحركة غير صحيحة او الجلوس بوضعية غير مريحة.
ينتقل المريض على مر السنين من طبيب الى اخر، بمن في ذلك: اطباء العظام، اخصائيو المعالجة اليدوية، اخصائيو العلاج الطبيعي، اخصائيو علم المنعكسات والقائمة تطول. كل هذه العلاجات تؤدي الى التخفيف من حدة الالم، الا ان العظام والمفاصل لن تعود الى ما كانت عليه عندما كنت شابا، وهكذا فانه بدون احداث تغيير حقيقي، سيعود الالم وسيبقى الجسم  متصلبا.
يمكننا احداث ثورة في العلاج، فقط عن طريق احداث تغيير جذري، وتصبح النظرة الموجهة الى الم المفاصل نظرة عامة اكثر. اي، عندما نقوم بمعاينة اداء الاجهزة المتعددة في الجسم، بسبب ادراكنا لحقيقة اننا لا بد من ان نغير العوامل والمسببات التي تسرع عملية تاكل المفاصل مع مرور الوقت.
على سبيل المثال، قد يقترح طبيب العظام عليك ان تجري عملية جراحية لعلاج تاكل الغضروف في الركبة، الا انه اذا كان التاكل ناجما عن نمط مشي خاطئ، نتيجة للجنف في الظهر لم تتم معالجته طيلة سنوات، فان العملية الجراحية لن تفلح في تحسين الحالة. اضافة الى ذلك، اذا كنت تعاني من الوزن الزائد، فانه يزيد من الوزن غير المتجانس الذي تحمله الركبة، مما يؤدي الى استمرار عملية التاكل، طالما لم نقم بتقوية الظهر، تحسين نمط المشي وتخفيف الوزن.
مفترق الطرق في معالجة شتى عوامل الالم، في هذه الحالة، على غرار العديد من الحالات الاخرى، يتمثل في العلاج الخاضع للرقابة على يد طاقم مهني يقوم بالاعتناء والاهتمام بالعوامل الفيسيولوجية، البيئية والنفسية في حياتنا، والتي تؤثر على الالم. تشغيل الجسم بشكل يتلاءم مع المشكلة واعطاء تحفيزات موجهة للاجهزة الفيسيولوجية العضلية والعصبية،  يشكل عنصرا هاما في العملية العلاجية.
من المهم تشخيص العضلات التي يجب تقويتها، من اجل تحسين القدرة على التوازن والحركة. يعتبر تحديد النقاط التي تسبب الالام المزمنة في الظهر، العنق، الركبتين، الكتفين او في اي عضو اخر، امرا بالغ الاهمية.
يجب ان نتحقق من المناطق التي يتواجد فيها توتر اكثر او اقل مما يجب، في العضلات، ينبغي فحص التوازن العضلي، قوة ومدى فعالية انقباض العضلات الهيكلية. كما يجدر بنا ان نقيم عوامل الخطر الاستقلابية عن طريق اجراء فحوصات دم وغيرها من الفحوصات، ومعالجة هذه العوامل عن طريق اتباع نظام غذائي خاص وممارسة الرياضة التي تتم ملاءمتها بشكل شخصي، اضافة الى تقنيات الاسترخاء والعلاجات الطبيعية الموجهة لنقاط معينة في الجسم.
خلال السنوات الاخيرة، اصبح من المتبع توجيه المرضى الذين يعانون من الالام المزمنة الى عيادات الالم المزمن، والتي تقوم بدورها بطرح حلول دوائية في العادة، اضافة الى الطب البديل. قد يوصي الاطباء المريض بممارسة الرياضة المعتدلة، دون التشديد على امور معينة لملاءمة النشاط البدني له بشكل شخصي، ودون ان يتلقى الشرح بخصوص طريقة تنفيذ برنامج التدريب، وتكون النتيجة ان النشاط البدني قد يؤدي الى تفاقم حدة الالم وقد يسبب ايضا الحاق الضرر بالجسم.
في مسح  للمراجع العلمية، هنالك عدد لا باس به من الادلة التي تشير الى اهمية ممارسة الرياضة لتخفيف الالم المزمن. في دراسة تحليلية شملت 16 بحثا مختلفا تناولت هذا الموضوع، تبين بان ممارسة الرياضة فعالة في تخفيف الالم اكثر من العلاج الدوائي المحافظ.
يعود نجاح العلاج الى تاثيره متعدد النطاق، التاثير الفيسيولوجي والنفسي الذي يمنحنا اياه النشاط البدني:
1. النشاط البدني الهوائي الذي يتخلله ارتفاع معدل نبضات القلب، يؤدي الى ارتفاع مستوى الاندورفينات في الدم، والتي تتسم بخصائص فيسيولوجية لتخفيف الالام، الاسترخاء وتثبيط بوابة الالم على غرار ما يفعله الافيون.
2. تؤدي تمارين الرياضة المقاومة الى تعزيز توازن العضلات وخفض العبء والضغط الميكانيكي على المفاصل، وبالتالي يقلل التحفيز العظمي ومستوى الالتهاب.
3. يؤدي تشغيل المفاصل بشكل متجانس الى انتاج الغشاء الزليلي (synovium)، وهو عبارة عن زيت طبيعي يقلل من مستوى الاحتكاك داخل المفصل.
4. يمكننا، عن طريق النشاط البدني الفعال، ان نجدد تدفق الدم الى الاعضاء المصابة وبالتالي فان ذلك يسهم في تسريع عملية تماثلها للشفاء.
5. النشاط البدني الهوائي يشجع على حرق الدهون الزائدة، ويسهم في خفض الوزن الزائد الذي يثقل كاهل المفاصل وغيرها من الاعضاء.
6. يؤدي النشاط البدني الى تخفيف التوتر والقلق، وبالتالي فانه يشجع على الاسترخاء ويمنع الاصابة بالاكتئاب الذي يمكن ان يرافق الالم المزمن، او ان ينتج عنه.
7. قد تؤثر اساليب النشاط البدني (الرياضة) على جهاز الاعصاب الحسي بشكل ايجابي، فتؤدي الى خفض مستوى حساسيته للالم.
8. تقوية الجسم، زيادة مرونة العضلات وتحسين مجال الحركة، جميعها تتيح الحصول على حركة وتوازن افضل، مما يمنع تاكل المفاصل، الاوتار والعظام.
ان فهم الاليات التي تشترك في الم العظام المزمن قد يساهم في اعطاء العلاج المناسب لتخفيف الاعراض ومسببات المرض على حد سواء. ان الرياضة التي يتم تعديلها بما يتلاءم فيسيولوجيا مع احتياجات الجسم، هي امر بالغ الاهمية في العلاج. قد يؤدي التحفيز الجسدي الذي لا يكون ملائما الى الحاق الضرر وتفاقم الالم ولذلك من المحبذ ان يتم العلاج تحت اشراف طاقم متعدد التخصصات، بمن في ذلك: اخصائي العلاج الطبيعي، اختصاصي الفيسيولوجيا، طبيب رياضي، اخصائي تغذية واخصائي نفسي ومعالج بالطب البديل. بالطبع، هذا الاسلوب العلاجي ليس سحريا والعملية العلاجية تتطلب الوقت، قوة الارادة والالتزام، ولكن النتيجة (المرجوة) في نهاية المطاف، هي التحسن في اداء وجودة الحياة لسنين طويلة.
آخر تعديل - الثلاثاء , 11 فبراير 2014
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..