المرأة سيدة «المفاصلة» بلا منازع
البعض وصفها ب«الشطارة» لأن بعض أصحاب المحلات يستحقون
المفاصلة طريقة مجدية في التعامل مع البائعين حتى يضمن المشتري أنه لم ينغش
في حين يعتبر الكثير أن المفاصلة فن لا
يتقنه إلا النساء، يرى آخرون أن الرجال أيضا لديهم القدرة على المفاصلة،
ولكن ليس بالحد الذي تصل له النساء، فالرجل يمتنع أحيانا عن المفاصلة ربما
من باب الخجل، أما التاجر، فيعتبر الأشخاص المساومين في السعر بمثابة الهمّ
الذي يدخل محله، ولعل المساومة صارت فنّاً، فمن البديهي في هذه الحالة أن
تكون المرأة فنانة من الدرجة الأولى، فهي التي تعرف آلياتها وأبجدياتها
وكأنها تربت وترعرعت في السوق، وهذا بشهادة أصحاب المتاجر، لكن هل يملك
البائع الحاسة السادسة ليكتشف من هي الزبونة «المفاصلة»؟ أم أن التعامل
اليومي مع النساء كافٍ لمعرفة ملامح تلك الزبونة التي تدخل المحل؟ وهل هناك
فائدة حقيقية للمفاصلة؟ وهل تحل المحلات ذات السعر الثابت المشكلة؟ وتوفر
الوقت والجهد على البائع والشاري؟
المفاصلة في الشراء هي الطريقة الوحيدة التي تسلكها النساء لحماية أموالهن
طريقة مجدية
قالت "منى عبدالوهاب": إن الكثير من البائعين أصبحوا يستغلون فكرة الأمانة لإقناع الزبون بأنه لم ينخدع بسعر القطعة، فما أن يقوم الزبون بالمفاصلة حتى يبدأ البائع ب "الحلفان" وإقسام اليمين بأن ربحه بسيط، وأنه يبيع القطعة برأس المال..! حتى أصبحت لا أثق بأي بائع مهما أقسم، وما إن يطرح علي السعر حتى انزله إلى النصف مباشرة، وبصراحة وجدت أن هذه الطريقة مجدية في التعامل مع البائعين حتى أضمن أنني لم أنغش بسعر القطعة.
تحذير
وتؤكد "حنان عسيري" أنها تعشق ما تسميه المفاصلة في الشراء، لافتة إلى أنها الطريقة الوحيدة التي تحمي مالها، مشيرة إلى أن أسعار البضائع قابلة للنقصان والزيادة دائماً، وهذا ما يجعل المساومة جزءاً من عملية الشراء التي تتصف بالمرونة، وحرص المرأة على مالها ومال زوجها، هو الذي يحول دون وقوعها فريسة طمع التجار، إلا أن الرجل لا ينظر إلى مساومة المرأة بعين التقدير، فهو ضد الأخذ والرد مع التاجر، حتى لو كان سيدفع الفرق من جيبه، وتقسم بأن زوجها يحذرها قبل مرافقتها إلى السوق من فتح باب المساومة مع البائع، لطالما أبدى استعداده لإعطائها السعر الذي تريد، ويشترط عليها أن تخرج من المحل بأسرع ما يمكن، إلا أن المساومة التي تصفها ب"الشطارة"، قد تتجاوز حد المتعة، لافتة إلى أن من الغباء أن تدفع المرأة سعر ما تريد شراءه من دون مفاصلة، ولهذا نحن لا نفاصل من باب التسلية، بل من باب انتزاع حقنا من سياسة السوق.
متعة التسوق
تعتبر "أم إبراهيم" نفسها خبيرة في المفاصلة، وتؤكد أنها تحرص على شراء أغراض ومستلزمات منزلها المختلفة بأقل الأسعار، من منطلق التدبير والاقتصاد في مصروف البيت، وأنها لا تقوم بالمفاصلة في محال الألبسة فقط، وإنما في جميع المشتريات القابلة للتفاوض من الخضروات، والمواد التموينية، وكذلك في الأجهزة الكهربائية، والأثاث المنزلي.
أخصائي اجتماعي: تفوق المرأة الاجتماعي على الرجل وقدرتها على الاتصال يفسران مهارتها في عملية المفاصلة وفي هذا الجانب أشارت السيدة "أم معاذ" أنها مستعدة للتردد على المحل أكثر من مرة حتى تحصل على القطعة بأرخص الأثمان، وأنها على استعداد لإضاعة ساعات كاملة بالمفاصلة، ولو كان على خمسين ريالًا لتكون مقتنعة تماماً وغير مغشوشة بالسعر، معتبرة ذلك أنها تعيش متعة الشراء، ولذة التسوق من خلال المفاصلة، وأن بعض أصحاب المحلات (نصابين) ولا يكتفون بالربح القليل، ويحاولون استغلال الزبون الضعيف الذي لا يجيد المفاصلة، وتضيف "هيفاء فايز" أن عشق المرأة التسوق، هو الذي شكّل خبرتها وزودها بحرفية عالية وزاد مستوى الإقناع والجدال مع الباعة، والمرأة تضع اسمها، ومكانتها الاجتماعية جانباً حتى تصل إلى السعر الذي تريد، معتمدة على حنكتها في الحديث عن غلاء المعيشة، والأزمة الاقتصادية التي خنقت السوق والمشترين في آن واحد، ولا تقتصر المساومة بحسب تعبيرها على خفض السعر، والحديث عنه بل تتعداه إلى أحاديث أخرى تتعلق بالسوق ونسبة الإقبال على الشراء، ومقارنة الدخل بالأسعار، حتى تبدو المرأة وكأنها تَمنُّ على البائع بشراء ما تريده وكأنها تُحسن إليه.
رفض المفاصلة
يبدو أن ميزان الإجماع على أن المساومة حرفة نسائية بامتياز، يواجه بعض الاختلال، وحول هذا الجانب تؤكد "إيمان الفيصل" أنها ترفض التصويت لذاك المنطق، مشيرة إلى أنها لم تجادل يوماً في سعر، ولم تخرج من محل ما "زعلانة" لأن البائع لم يراعها في عملية الشراء، والسبب لديها أن للسوق ناسه وأدواته التي لا تملكها هي، لهذا تعتبر إيمان أنها زبون محبوب من قبل الباعة الذين لا يتعبون معها.
مفاصلة الجنسين
من جهته قال البائع في مجال الأزياء النسائية "محمد رضا" إن الرجال والنساء يفاصلون على حد السواء حسب تجربته السابقة في البيع في مجال الألبسة الرجالية، ولكنه يعود ليقول إن النساء سواء كن صغيرات السن أم سيدات هن الأكثر خبرة في هذا المجال، ولا يقبلن الخروج من المحل إلا بعد الحصول على القطعة بالسعر الذي يحددنه، أما البائع "ماهر مصطفى" قال إنه يتبع سياسة محددة في البيع ليتخلص من عملية المفاصلة المملة والمتعبة حسب رأيه، وهي أنه يعتمد لطرح سعر معقول ورخيص للقطع التي يبيعها حتى لا يكون للزبونة مجال للمفاصلة، ولكن رغم ذلك فالنساء لا يتعبن من المفاصلة حتى لو كان سعر القطعة 25 ريالا.
آليات المفاصلة.
وحول هذا المضمار يقول التاجر "صالح الجابري" إن واجهة المحل، وموقعه، عامل هام في استقطاب الزبونة المساومة، فهي لن تدخل محلاً في مركز تجاري مشهور، لعلمها بأن الزبون هو من يدفع ضريبة المحل الغالي، لافتاً إلى أن المحال التي تبيع المنتجات الرخيصة، تفتح شهية الزبونة للمساومة، فتحاول التلاعب بالسعر، وتسعى إلى دفعنا إلى تخفيضه بثقة، وجرأة لا يغيبان عن التاجر، وهو يخوض معها لعبة المسايرة التي يتقنها، مؤكداً أن التاجر يبقى الرابح الوحيد في عملية المساومة، على العكس مما تتخيله الزبونة، لأن خروجها من المحل بشعور النصر، ليس سوى وهم، يتركها التاجر تعيشه حتى تكرر دخول محله ثانية. وعما إذا كان الرجل يجيد لعبة المساومة، يجيب صالح المرأة هي ملكة المفاصلة بلا جدال، فأدوات الأخذ والرد متوافرة عندها، والأهم من ذلك تمتعها بالجرأة، وعدم الارتباك، بخلاف الرجل الذي ما إن يعرف السعر حتى يدفع بلا جدال ويمضي في سبيله.
ارتباط المفاصلة بالمرأة
ويجد الدكتور سرحان عشي أخصائي اجتماعي أن قدرة المشتري على المساومة والتأثير في الأسعار، تعتمد على عدة عوامل مثل خبرة المشتري، ومعرفته بالسلعة، وقدراته الكلامية، وقوة شخصيته، وحجم الطلب، وحجم العرض، أو توافر السلعة المتوافرة عند عدد كبير من البائعين، وهذا ما يجعله يحصل على سعر مخفض عن السعر المعلن بنسبة 60%، وعن سر الارتباط القوي بين المساومة والمرأة، يؤكد تفوق المرأة الاجتماعي على الرجل، وقدرتها على الاتصال، يفسران مهارتها في عملية المساومة، التي تُعتبر في الدرجة الأولى سلوكاً اجتماعياً يتطلب وجود طرفين يتميزان بالرغبة في الحوار والأخذ والرد، لهذا تتحول المساهمة في حياة المرأة إلى نشاط ممتع ومفيد، وهو أحد أهم الأسباب الداعية إلى المساومة، هو قلة ثقة المشتري بعدالة السعر المعلن، فهو يتوقع من البائع بيع السلعة بأعلى سعر ممكن، دون مراعاة قيمة السلعة الحقيقية، وهذا ما يدفعه إلى المفاصلة من أجل تحقيق نوع من التوازن، والمساومة المتوقعة والتخفيض المحتمل من قبل المشتري، يدفعان البائع إلى تحديد سعر العرض، على أساس المساومة المتوقعة، والتخفيض المتوقع، لهذا يُفترض في المشتري أن يساوم لأنه بذلك سيوفر 20% من إجمالي ثمن مشترياته في أدنى تقدير، لأن السعر المعلن ببساطة هو سعر المساومة وليس سعر السوق.
المفاصلة في الشراء هي الطريقة الوحيدة التي تسلكها النساء لحماية أموالهن
قالت "منى عبدالوهاب": إن الكثير من البائعين أصبحوا يستغلون فكرة الأمانة لإقناع الزبون بأنه لم ينخدع بسعر القطعة، فما أن يقوم الزبون بالمفاصلة حتى يبدأ البائع ب "الحلفان" وإقسام اليمين بأن ربحه بسيط، وأنه يبيع القطعة برأس المال..! حتى أصبحت لا أثق بأي بائع مهما أقسم، وما إن يطرح علي السعر حتى انزله إلى النصف مباشرة، وبصراحة وجدت أن هذه الطريقة مجدية في التعامل مع البائعين حتى أضمن أنني لم أنغش بسعر القطعة.
تحذير
وتؤكد "حنان عسيري" أنها تعشق ما تسميه المفاصلة في الشراء، لافتة إلى أنها الطريقة الوحيدة التي تحمي مالها، مشيرة إلى أن أسعار البضائع قابلة للنقصان والزيادة دائماً، وهذا ما يجعل المساومة جزءاً من عملية الشراء التي تتصف بالمرونة، وحرص المرأة على مالها ومال زوجها، هو الذي يحول دون وقوعها فريسة طمع التجار، إلا أن الرجل لا ينظر إلى مساومة المرأة بعين التقدير، فهو ضد الأخذ والرد مع التاجر، حتى لو كان سيدفع الفرق من جيبه، وتقسم بأن زوجها يحذرها قبل مرافقتها إلى السوق من فتح باب المساومة مع البائع، لطالما أبدى استعداده لإعطائها السعر الذي تريد، ويشترط عليها أن تخرج من المحل بأسرع ما يمكن، إلا أن المساومة التي تصفها ب"الشطارة"، قد تتجاوز حد المتعة، لافتة إلى أن من الغباء أن تدفع المرأة سعر ما تريد شراءه من دون مفاصلة، ولهذا نحن لا نفاصل من باب التسلية، بل من باب انتزاع حقنا من سياسة السوق.
متعة التسوق
تعتبر "أم إبراهيم" نفسها خبيرة في المفاصلة، وتؤكد أنها تحرص على شراء أغراض ومستلزمات منزلها المختلفة بأقل الأسعار، من منطلق التدبير والاقتصاد في مصروف البيت، وأنها لا تقوم بالمفاصلة في محال الألبسة فقط، وإنما في جميع المشتريات القابلة للتفاوض من الخضروات، والمواد التموينية، وكذلك في الأجهزة الكهربائية، والأثاث المنزلي.
أخصائي اجتماعي: تفوق المرأة الاجتماعي على الرجل وقدرتها على الاتصال يفسران مهارتها في عملية المفاصلة وفي هذا الجانب أشارت السيدة "أم معاذ" أنها مستعدة للتردد على المحل أكثر من مرة حتى تحصل على القطعة بأرخص الأثمان، وأنها على استعداد لإضاعة ساعات كاملة بالمفاصلة، ولو كان على خمسين ريالًا لتكون مقتنعة تماماً وغير مغشوشة بالسعر، معتبرة ذلك أنها تعيش متعة الشراء، ولذة التسوق من خلال المفاصلة، وأن بعض أصحاب المحلات (نصابين) ولا يكتفون بالربح القليل، ويحاولون استغلال الزبون الضعيف الذي لا يجيد المفاصلة، وتضيف "هيفاء فايز" أن عشق المرأة التسوق، هو الذي شكّل خبرتها وزودها بحرفية عالية وزاد مستوى الإقناع والجدال مع الباعة، والمرأة تضع اسمها، ومكانتها الاجتماعية جانباً حتى تصل إلى السعر الذي تريد، معتمدة على حنكتها في الحديث عن غلاء المعيشة، والأزمة الاقتصادية التي خنقت السوق والمشترين في آن واحد، ولا تقتصر المساومة بحسب تعبيرها على خفض السعر، والحديث عنه بل تتعداه إلى أحاديث أخرى تتعلق بالسوق ونسبة الإقبال على الشراء، ومقارنة الدخل بالأسعار، حتى تبدو المرأة وكأنها تَمنُّ على البائع بشراء ما تريده وكأنها تُحسن إليه.
رفض المفاصلة
يبدو أن ميزان الإجماع على أن المساومة حرفة نسائية بامتياز، يواجه بعض الاختلال، وحول هذا الجانب تؤكد "إيمان الفيصل" أنها ترفض التصويت لذاك المنطق، مشيرة إلى أنها لم تجادل يوماً في سعر، ولم تخرج من محل ما "زعلانة" لأن البائع لم يراعها في عملية الشراء، والسبب لديها أن للسوق ناسه وأدواته التي لا تملكها هي، لهذا تعتبر إيمان أنها زبون محبوب من قبل الباعة الذين لا يتعبون معها.
مفاصلة الجنسين
من جهته قال البائع في مجال الأزياء النسائية "محمد رضا" إن الرجال والنساء يفاصلون على حد السواء حسب تجربته السابقة في البيع في مجال الألبسة الرجالية، ولكنه يعود ليقول إن النساء سواء كن صغيرات السن أم سيدات هن الأكثر خبرة في هذا المجال، ولا يقبلن الخروج من المحل إلا بعد الحصول على القطعة بالسعر الذي يحددنه، أما البائع "ماهر مصطفى" قال إنه يتبع سياسة محددة في البيع ليتخلص من عملية المفاصلة المملة والمتعبة حسب رأيه، وهي أنه يعتمد لطرح سعر معقول ورخيص للقطع التي يبيعها حتى لا يكون للزبونة مجال للمفاصلة، ولكن رغم ذلك فالنساء لا يتعبن من المفاصلة حتى لو كان سعر القطعة 25 ريالا.
آليات المفاصلة.
وحول هذا المضمار يقول التاجر "صالح الجابري" إن واجهة المحل، وموقعه، عامل هام في استقطاب الزبونة المساومة، فهي لن تدخل محلاً في مركز تجاري مشهور، لعلمها بأن الزبون هو من يدفع ضريبة المحل الغالي، لافتاً إلى أن المحال التي تبيع المنتجات الرخيصة، تفتح شهية الزبونة للمساومة، فتحاول التلاعب بالسعر، وتسعى إلى دفعنا إلى تخفيضه بثقة، وجرأة لا يغيبان عن التاجر، وهو يخوض معها لعبة المسايرة التي يتقنها، مؤكداً أن التاجر يبقى الرابح الوحيد في عملية المساومة، على العكس مما تتخيله الزبونة، لأن خروجها من المحل بشعور النصر، ليس سوى وهم، يتركها التاجر تعيشه حتى تكرر دخول محله ثانية. وعما إذا كان الرجل يجيد لعبة المساومة، يجيب صالح المرأة هي ملكة المفاصلة بلا جدال، فأدوات الأخذ والرد متوافرة عندها، والأهم من ذلك تمتعها بالجرأة، وعدم الارتباك، بخلاف الرجل الذي ما إن يعرف السعر حتى يدفع بلا جدال ويمضي في سبيله.
ارتباط المفاصلة بالمرأة
ويجد الدكتور سرحان عشي أخصائي اجتماعي أن قدرة المشتري على المساومة والتأثير في الأسعار، تعتمد على عدة عوامل مثل خبرة المشتري، ومعرفته بالسلعة، وقدراته الكلامية، وقوة شخصيته، وحجم الطلب، وحجم العرض، أو توافر السلعة المتوافرة عند عدد كبير من البائعين، وهذا ما يجعله يحصل على سعر مخفض عن السعر المعلن بنسبة 60%، وعن سر الارتباط القوي بين المساومة والمرأة، يؤكد تفوق المرأة الاجتماعي على الرجل، وقدرتها على الاتصال، يفسران مهارتها في عملية المساومة، التي تُعتبر في الدرجة الأولى سلوكاً اجتماعياً يتطلب وجود طرفين يتميزان بالرغبة في الحوار والأخذ والرد، لهذا تتحول المساهمة في حياة المرأة إلى نشاط ممتع ومفيد، وهو أحد أهم الأسباب الداعية إلى المساومة، هو قلة ثقة المشتري بعدالة السعر المعلن، فهو يتوقع من البائع بيع السلعة بأعلى سعر ممكن، دون مراعاة قيمة السلعة الحقيقية، وهذا ما يدفعه إلى المفاصلة من أجل تحقيق نوع من التوازن، والمساومة المتوقعة والتخفيض المحتمل من قبل المشتري، يدفعان البائع إلى تحديد سعر العرض، على أساس المساومة المتوقعة، والتخفيض المتوقع، لهذا يُفترض في المشتري أن يساوم لأنه بذلك سيوفر 20% من إجمالي ثمن مشترياته في أدنى تقدير، لأن السعر المعلن ببساطة هو سعر المساومة وليس سعر السوق.
الثلاثاء 6 جماد الأولى 1431هـ - 20 ابريل2010م - العدد 15275
------------------------------------------------------
أبواب
تاريخ النشر: الأربعاء 2013-01-23
«المفاصلة» .. في البيع والشراء
سألت بائع الأثاث ، الذي عرض جزءاً غير يسير من بضاعته أمام باب محله التجاري :
- قديش حق هالكرسي ؟
أجاب بملامح جديّة حاسمة :
- إلك ، بثلاثين دينار .
لي أنا بالذات ، دون غيري ، بثلاثين دينار ؟ قلتُ لنفسي مستغرباً . وتابعت حديثي الى ذاتي ، والتاجر ينتظر ردّي : لكن يبدو السعر مرتفعاً ، ولعل عبارة (إلك إنْتِ) مكررة ، يقولها لكل الراغبين بالشراء .
ولما طال صمتي بادرني هو بالسؤال !
- شو قلت ؟
ثم راح يستخدم فِراستَهُ بالنظر إليّ ، ومحاولة تقدير السعر الذي سأكون مستعداً لدفعه.
- قلتْ ، عشرين دينار بكفّو .
- يا رجل ما إلك عليّ يمين إنه كلفتها ثمنيه وعشرين دينار .
- يا سيدي باخذه بخمسة وعشرين .
- لأنها بيعة مسا ، هات ستة وعشرين .
- قلت خمسة وعشرين .
- لا حول ولا قوة إلا بالله ، خذه بخمسة وعشرين، والله ما راحت لغيرك بهذا السعر..!
حملت الكرسي وأنا أقول في سرّي : يا الله ما أصعب هذا البيع وهذا الشراء ، كم فيه من كذب ، والتفاف ، ومحاولة خداع ، واستغلال ، واستغفال ، وتذاكي ، ومساومة ، ووقت مهدور ، وجهد ضائع ، لمجرد شراء سلعة بسيطة ، ماذا لو كان السعر مكتوباً محدداً ؟ وكان كلانا واثقاً ومتيقناً من أن هذا السعر ثابت ، لا يقبل المساومة ولا المفاصلة ؟ أفلا يحقق ذلك تعاملاً أسهل وأوضح وأصدق وأعدل ؟
فاصل .. يُفاصل ، وساوم .. يُساوم ...
أعتقد أن لفظ (فاصَلَ - يُفاصِلُ - مُفاصَلة) الذي نستخدمه في لغتنا العامية ، للدلالة على معنى (المساومة) في البيع والشراء ، مشتق أصلاً من (الفَصْل) ، بمعنى الوصول إلى سعر (فَصْلٍ) أخير متفق عليه ، وذلك بعد التساوم بين البائع والمشتري على ثمن السلعة أو الخدمة . ويشير تعبير (المساومة) في مجال التجارة ، وتحديداً في البيع والشراء ، إلى تلك المجاذبة والمفاوضة التي يكون موضوعها ثمن سلعة أو خدمة ، يعرضها البائع بسعر معين ، بينما يطلبها المشتري بسعر أقل ، مع الاستمرار بهذه العملية لحين التوصل إلى ثمن متفق عليه ، يتم الشراء والبيع على أساسه .
والمساومة في البيع والشراء ، وبخاصة في أنواع معينة من السلع والخدمات ، سلوك شائع تعززه ثقافة سائدة في معظم الدول النامية ، ولا سيما حين يتعلق الأمر ببعض السلع كالخضراوات والفواكه والملابس والأثاث والكهربائيات والأدوات وما إليها . وكذلك بعض الخدمات كالتي يقدمها المهنيون في مجال تصليح الأجهزة والآلات والمباني وسواها . بينما تجد في متاجر ومحال الدول المتقدمة أن الأسعار ثابتة محددة ، وليست مجالاً للتساوم والأخذ والرد . ونحن نقول أنها أسعار محددة ثابتة ، دون أن نعني بذلك أنها موحّدة ، فقد يكون لكل متجر للسلع أو محل يقدم خدمة أسعاره ، ولكنها أسعار معلنة محددة ، ترفض ثقافة البائع والمشتري جعلها موضوعاً للمساومة والمفاصلة .
هل في البيع والشراء علاقة صراع ؟ !
وأحسَبُ أن ثقافة المساومة ترجع في جذورها إلى تصوّر علاقة البيع والشراء على أنها علاقة (صراع) ، مع أنها في حقيقتها علاقة (تبادل) ، أو هكذا ينبغي أن تكون ، ويؤيد هذا الفهم ما نستخدمه من تعبيرات ، ربما لا شعورية ، في وصفنا للمساومة ونتائجها ، فنحن نقول مثلاً : (أن هذا التاجر قد غلبني بالأسعار) ، وربما قال لك البائع حين تغالي في تخفيض الثمن الذي تستعد لدفعه : (أنت بذلك تغلبني) ، كتعبير عن أننا أمام حالة صراع فيها غالب ومغلوب ، وليس أمام علاقة تبادل فيها طرفان مستفيدان . وتستخدم عدد من الدول العربية في لغتها العامية لفظ (المكاسرة) للدلالة على المساومة ، فكأن أحد الفريقين - البائع أو المشتري - لا بد أن (يكسر) الآخر ، بل أن لفظ (المفاصلة) ذاتها تشير إلى اختلافٍ بين طرفين يحتاج إلى كلمةٍ (فصل) ، وهكذا نستشف أن في كلا اللفظين (المفاصلة والمكاسرة) إشارات إلى نمط من الصراع نضطر أن (نواجهه) حين نشتري ونبيع ..!
في المساومة ... غيابٌ للصدقية
في ثقافة البيع والشراء عن طريق المساومة ، درجة عالية من غياب الصدقية في التعامل ، فحين يعرض التاجر سلعته بثمن مرتفع ثم ينزل عنه ، فذلك يعني أنه كان مستعداً لأن يغبن المشتري لولا مساومة الأخير ، وحين يكون التاجر مستعداً لخفض السعر الذي أعلنه ففي ذلك إشارة أيضاً إلى أن ذلك السعر لم يكن يمثل السعر المنطقي المقبول الذي يجدر أن تباع به السلعة . ناهيك عما يرافق عملية المساومة ذاتها من سلوكات تعبّر فعلاً عن الخداع ، فالمشتري يتظاهر بعدم تمسكه بالشراء ، بينما يقسم البائع أحياناً بأنه يبيع سلعته بسعر الكلفة أو بخسارة ، ويردد كثيراً من العبارات المخالفة للحقيقة ، فقد يدعى أنه رضي بهذا السعر لأنه (استفتاح) إذا كان الوقت صباحاً ، ورضي به لأنه لم يبع منذ الصبح شيئاً ، إذا كانت الوقت ظهراً ، وهي (بيعة مسا) إن كان الوقت مساءً . وهو يريد أن (يكسبك زبوناً) ولا يريد أن يربح منك ، وما إلى ذلك . ويغدو الأمر أشنع إذا شفع التاجر عباراته هذه بالقسم، وبأغلظ الأيمان .
وفي المساومة ... ثقة مزعزعة
تنعكس ثقافة المساومة سلباً على التجار الصادقين ، فقد يعرض البائع سلعته بثمن متناسبٍ تماماً مع الكلفة ، وبربح معقول ، وربما بسعر يقل عن سعر السوق ، إلا أن صورة التاجر في ذهن المستهلك ، ستجعل المشتري يُصرّ على الحصول على ثمن أقل ، وهذا ما يجعل بعض التجار يعرضون سعراً أعلى تحسُّباً منهم للمساومة ، حيث لن يقبل المشتري بالسعر المعلن وسيصرُّ على سعر أقلَّ منه . فهي إذن ثقافة قائمة على ثقة مزعزعة أو مفقودة بين طرفي عملية التبادل .
ثم إن في موضوع عدم تحديد السعر النهائي وإعلانه ، مسّاً بقيمة العدل ، فقد يمتنع المشتري عن المساومة بسبب خجله ، أو قلة خبرته ، أو تعجّله وحاجته الماسة إلى السلعة ، فهل من الحق أن يُغبَنَ ويظلم مثل هؤلاء ، وبخاصة إذا كانوا من الفتيان والشباب أو من الأجانب ممن لم يتشرّبوا ثقافة المساومة ، أو لم يتقنوا فنونها التي تحتاج أحياناً لاستشفاف بواطن النفوس وكوامن الصدور ، فيبتاعون السلعة حينها بغبن فاحش (كما يقال في القانون) ، بينما يحصل عليها من أتقن فنون المساومة ومهاراتها ربما بنصف الثمن المعلن .
المساومة ... ثقافة تدور في حلقة مفرغة :
من شأن المساومة في البيع والشراء ، والتي قد يضطر الواحد منا لممارستها كل يوم ، أن تؤثر سلباً في سرعة التعامل وسهولته وانسيابه ، ولا سيّما إذا رافقها الإلحاح المملُّ من قبل أحد الطرفين ، وكثيراً ما تبعث المساومة كذلك شعوراً لدى المرء بأنه كان ضحية للخداع ، وبخاصة حين يسمع أن فلاناً من الناس قد اشترى السلعة ذاتها ومن المصدر نفسه بسعر أقل بكثير . كما أن ثقافة المساومة تجدد ذاتها ، وتعزز نفسها ما لم تجد المقاومة الكافية، فالتاجر يقول إنه مضطر لرفع السعر الذي يعلنه لأول مرة لأن المشترين دأبوا على المساومة ، بينما يقول المشتري أنه مضطر للدخول في المساومة لأن التجار لا يعرضون السعر الحقيقي الذي يقبلون به فعلاً كثمن نهائي . وهكذا تظل هذه الثقافة تدور في حلقة مفرغة بين حجج التاجر ومبررات المستهلك ، ولا تخرج منها .
وبعد ،
صحيح أن قدرة القانون على التغيير من الثقافات السائدة نسبية وليست مطلقة، لكني أعتقد أنه (أعني القانون) قادر على تغيير ثقافة المساومة في البيع والشراء بدرجة كبيرة، لأن تلك الثقافة تترجم من خلال تبادلات مالية ظاهرة . فيمكن أن يُمنع تبديل السعر المعلن بالتخفيض بموجب نصوص تشريعية ، مع مراقبة التقيد بها ، وفرض العقوبات على من يخالفها ، مع إمكانية اعتماد الجهة التي تراقب التقيد بالقانون على ما يسمى (المتسوق الخفي) كالذي تلجأ إليه مؤسسات القطاع الخاص أحياناً للتأكد من حسن سير العمل في فروعها ومحلاتها ، بحيث يفاوض هذا (المتسوق الخفي) التجار على أسعارهم المعلنة ، فإن خالفوا القانون وبدّلوا فيها بتخفيضها أوقعت عليهم العقوبة .
-------------------------------------------
15 آذار / أكتوبر 2009. الساعة 10:01 بتوقيت القــدس.
معظم الغزيين يفضلون المفاصلة عند الشراء
15 آذار / أكتوبر 2009. الساعة 10:01 بتوقيت القــدس.
النساء يتفوقن فيها عن الرجال
معظم الغزيين يفضلون المفاصلة عند الشراء
غزة / ديانا طبيل
"الله
وكيلك بايعك برأس المال" ، "ما رح تلاقي أرخص من السعر بكل السوق"، "
البضاعة علينا غالية بندفع للأنفاق " ، " والله العظيم مش ربحان منك غير
خمسة شيكل " ، والكثير من العبارات التي يحفظها أصحاب المحلات التجارية عن
ظهر قلب يرددونها كلما هم زبون بشراء بضاعتهم، بهدف إقناعه بالسعر الذي
يطلبونه أملا في التخلص من عملية المفاصلة التي يتبعها الزبائن.
وفي
حين يعتبر الكثيرون أن المفاصلة فن لا يتقنه إلا النساء ، يرى آخرون أن
الرجال أيضا لديهم القدرة على المفاصلة ولكن ليس بالحد الذي تصل له النساء،
" الرسالة " تجولت في أسواق مدينة غزة لتستطلع آراء المشترين والبائعين
حول الظاهرة ، وهل هناك فائدة حقيقية للمفاصلة؟
اخذ وعطا
الحاجة
أم محمود الصفدى " 55 عاماً " تقول لـ" الرسالة " : لا اشتري شيئا دون أن
أفاصل في السعر فالدنيا على رأى المثل " اخذ وعطا " ولازم الواحد "يتنور"
في أكثر من مكان حتى يحصل على السعر الذي يتناسب وإمكانياته .
وتتابع
عادة ما أخفض من السعر الذي طلبه البائع بمقدار عشرة شواكل ، فأشعر بالرضا
بان السعر مناسب وتضيف: عادة يضع البائعون فوق الأسعار الحقيقية من عشرة
إلى عشرين شيكل لأنهم يتوقعون منا المفاصلة ، موضحة أنها ترفض الشراء من
البائع الذي يطلب سعراً واحدا ولا يغيره وتعتبره أنه لا يريد البيع .
في
حين تقول سمية حسنين " 28 عاما " أن المفاصلة بالأسعار احد صفاتها
المشهورة بها إذ يعتبرني أفراد عائلتي " شاطرة بالشرية " ففي العادة أتعرف
على سعر القطعة في أكثر من مكان واشتريها من أقلهم سعرا مع المفاصلة إلى
أقصى حد حتى يقبل البائع بالسعر الذي أريده ، وتضيف عندما يرفض البائع
السعر الذي عرضته فسرعان ما اخرج من المحل وابحث عن بائع أخر يمكنني
إقناعه.
وتتابع:
المفاصلة من مكان إلى أخر تختلف فعلى سبيل المثال في منطقة الرمال أفاصل
بالأسعار في بعض المحلات ، لكن هناك بعض المحلات التي لا يمكن أن يفاصل
فيها أحد وبالعادة لا ادخلها حتى وان اعجبتني بضاعتها فلا اقبل باقتناء شيء
اعرف أني " مغلوبة فيه " موضحة أنها أحيانا قد تخفض 50% من السعر المطلوب .
النساء "شاطرات"
أما
الحاج أبو ياسر عودة " 60عاما " فيقول لـ" الرسالة " : " النسوان شاطرات "
فهن أكثر مفاصلة من الرجال ، فلا يمكنهن شراء شيء دون التخفيض بسعره قدر
استطاعتهن ، لذلك عادة ما اصطحب زوجتي برفقتي إلى السوق عندما ننوى الشراء
فأنا اعتبرها أكثر خبرة منى.
ويضيف:
عندما اذهب وحدي واشترى لا استطيع إن أفاصل البائع وان اصريت على موقفي
فإما أن اترك البضاعة أو اشتريها مضطراً ، مضيفاً وهو يضحك: أكثر مرة نزلت
فيها بالسعر كان عند شرائي فستانا لزوجتي وقد استطعت تنزيل خمسة شواكل ، و
تفاجأت عند عودتي إلى المنزل أن جارتنا اشترته بأقل من عشرين شيكلا.
بينما
تقول داليا الشرفا " 22 عاما " (طالبة جامعية ) : أنها تتمنى أن تفاصل
البائعين لأنها تشعر دائما أنها (مغلوبة) بالسعر، و تضيف: أمي لا تعرف
المفاصلة وأخوتي أيضا , وأنا اعتدت على عدم مفاصلة البائع بالسعر فضلا عن
أنني أخجل من مغالبة البائعين و خاصة إن لم يقبل البائع بتخفيض السعر".
وتتفق
معها الموظفة أنوار العصار " 26 عاما " على عدم المفاصلة فهي تعتبر أن
المفاصلة أمر قد يسيء إلى "البريستيج" الاجتماعي ، وتفضل الذهاب إلى
الأماكن التي تحدد أسعار بضائعها مسبقاً ، حتى لا تشعر أنها مغلوبة بالسعر،
مضيفة أنها كذلك ترفض الشراء من الأماكن المفتوحة " البسطات " .
في
هذا السياق يقول أسامة عليوة " 36 عاما " صاحب محل لبيع الملابس النسائية
أن المفاصلة عادة غزية يمارسها 99 % من سكان القطاع عند شرائهم اى شيء بغض
النظر عن سعره ، ويضيف: لكن النساء أكثر مفاصلة من الرجال ، ففي احدى
المرات كنت أبيع "بندانة ايشارب" وكان سعرها خمسة شواكل لكن لم تسعرها
امرأة إلا وطلبت أن أبيعها إياها بثلاثة شواكل .
لا يحتمل ولا يطاق
أما
الصيدلي حسام إسعيد فيقول أن المفاصلة بالأسعار ليس فقط على سعر الألبسة
والمأكولات والاحتياجات الأخرى فشعب غزة يفاصل على أسعار الأدوية المحددة
مسبقاً من الشركات ، رغم تأكدهم أن الأسعار موحدة في اغلب الصيدليات إلى
أنهم يطلبون المراعاة وأحيانا يفاصلون بقيمة الشيكل الواحد خاصة إذا كانوا
من زبائنك فتقع بالإحراج وفى كثير من المرات تضطر لان تبيع بسعر الجملة .
ويواصل: لا احد يشتري بدون مفاصلة حتى أنا عندما اذهب إلى السوق فاننى أفاصل من اجل تخفيض السعر .
بينما
يقول أبو اسعد حرارة " 44 عاما" صاحب محل لبيع الأدوات المنزلية أن
المفاصلة من سلعة إلى أخرى مختلفة ، فقلة من تفاصل عند شراء الأجهزة
الكهربائية على سبيل المثال أما الملابس والأدوات والمأكولات نادراً ما تجد
مشتريا لا يفاصل فالجميع يفاصل والجميع لا يصدق سعرك حتى وان حلفت.
-----------------------------------------------------
المفاصلة فن يتقنه الكثيرون ..و يعتبره البعض أمرا محرجا يتنافى مع "البريستيج" الاجتماعي
(الله وكيلك بايعك براس المال) .. (ما رح تلاقي أرخص من هالسعر بكل السوق) (رح إعملك سكرة بالسعر) (مو ربحان منك غير 50 ليرة...إلخ)..والكثير من العبارات التي يتقنها أصحاب المحلات لإقناع الزبائن بشراء القطعة بالسعر الذي يحددونه علهم يتخلصون من عملية المفاصلة..
التي يتبعها الزبائن لضمان أخذ القطعة بالسعر الذي تستحقه دون أدنى شك بأنهم (انغشوا) بالثمن.
و في حين يعتبر الكثيرون أن المفاصلة فن لا يتقنه إلا النساء يرى آخرون أن الرجال أيضا لديهم القدرة على المفاصلة ولكن ليس بالحد الذي تصل له النساء.
فهل هناك فائدة حقيقية للمفاصلة ؟ وهل تحل المحلات ذات السعر الثابت المشكلة وتوفر الوقت والجهد على البائع والشاري؟.
أخجل من مفاصلة البائعين
تقول رحاب (طالبة أدب انكليزي) أنها " تتمنى أن تفاصل البائعين لأنها تشعر دائما أنها (مغلوبة) بالسعر".
و تضيف رحاب:" أمي لا تعرف المفاصلة وأخوتي أيضا , وأنا اعتدت على عدم مفاصلة البائع بالسعر فضلا عن أنني أخجل من مغالبة البائعين و خاصة إن لم يقبل البائع بتخفيض السعر".
ورغم أن رحاب تشعر دائما أنها مغشوشة بالسعر, إلا أنها لا تفضل الشراء من المحال التي تبيع الثياب بسعر ثابت أي (محال الماركات) لأنها تعرض القطع في مواسمها بأسعار خيالية".
أما السائح أبو محمد فقال إنه "لم يعد يثق أبدا بالبائعين السوريين وخاصة بعد أن (انغدر) بالسعر لأكثر من مرة" .
ويتابع :"في بلاد الخليج نحن معتادون على أن تكون أسعار الأشياء ثابتة و لا يوجد هناك شيء اسمه مفاصلة أما هنا فقد وجدت أن الكثير من البائعين يستغلون جهل السياح بالأسعار ليضربوا سعر القطعة بأربعة".
ويضيف: "قررت في إحدى المرات أن أشتري عباءة من سوق (الحميدية) وعندما طلب مني البائع (9000) ليرة كسعر لها أعطيته واشتريتها وإذا بي أتفاجئ بعد فترة قصيرة بوجود نفس العباءة عند محل آخر وبسعر(2500) ليرة, ومن وقتها قررت أن لا أثق بأي بائع و لا أتردد في مفاصلته".
لا أثق بأي بائع مهما أقسم
من جهتها قالت غالية (مدرسة جغرافيا) أن الكثير من البائعين أصبحوا يستغلون الدين لإقناع الزبون بأنه لم ينخدع بسعر القطعة , فما إن يقوم الزبون بالمفاصلة حتى يبدأ البائع "بالحلفان وإقسام اليمين بأن ربحه بسيط وأنه يبيع القطعة برأس المال".
وأضافت :" أصبحت لا أثق بأي بائع مهما أقسم و ما إن يطرح علي السعر حتى انزله إلى النصف مباشرة وبصراحة وجدت أن هذه الطريقة مجدية في التعامل مع البائعين حتى أضمن أنني لم أنغش بسعر القطعة ".
من جهته يقول الشاب خالد إنه" يخجل من مرافقة والدته إلى السوق ويحاول دائما أن يتجنب الذهاب معها معللا ذلك بأن والدته تفاصل إلى درجة يصبح فيها البائع غاضبا".
ويضيف "أفضل التسوق برفقة أصدقائي من محال الماركات العالمية ذات الأسعار المحددة، والتي تقوم باجراء تنزيلات كبيرة في بعض المواسم".
تفاصل لتشعر بمتعة التسوق
ربة المنزل أم إبراهيم اعتبرت نفسها خبيرة في المفاصلة ،وقالت إنها "تحرص على شراء أغراض ومستلزمات منزلها المختلفة بأقل الأسعار، من منطلق التدبير والاقتصاد في مصروف البيت".
وأضافت بأنها "لا تقوم بالمفاصلة في محال الألبسة فقط وإنما في جميع المشتريات القابلة للتفاوض من الخضروات والمواد التموينية، بالإضافة إلى الكهربائيات والأثاث المنزلي".
وكذلك أكدت السيدة "أم معاذ" إنها "مستعدة للتردد على المحل أكثر من مرة حتى تحصل على القطعة بأرخص الأثمان وأنها على استعداد لإضاعة ساعات كاملة بالمفاصلة ولو كان على خمسين ليرة لتكون مقتنعة تماما وغير مغشوشة بالسعر".
واعتبرت "أم معاذ" التي "تعيش متعة الشراء ولذة التسوق" من خلال المفاصلة أن" أصحاب المحلات (نصابين) ولا يكتفون بالربح القليل ويحاولون استغلال الزبون الضعيف الذي لا يجيد المفاصلة".
(للحلوين ببلاش..)
أما البائع في مجال الألبسة النسائية راني فكانت له طريقته الخاصة في مراعاة الزبون حيث قال بشيء من المزاح "أنا مستعد لبيع القطعة برأس المال للفتيات الجميلات , ولا أستطيع مقاومة (البنات الحلوين) عندما يبدأن بمفاصلتي ولا أحب أن أخجلهن حتى يصبحن زبوناتي الدائمات ويعتدن على الشراء من محلي".
أما زيد فكان على عكس راني تماما حيث لم يخف استياءه من مفاصلة النساء و "نق" الزبونات للوصول إلى السعر الذي يرغبنه , حيث قال: "أفكر جديا بتغيير مجال البيع الذي أعمل فيه من الألبسة النسائية إلى الالبسة الرجالية لأن النساء يتمتعن بهواية المفاصلة ولهن نفس طويل في ذلك".
ويضيف: "من المستحيل أن يقتنعن بالسعر الذي يقوله البائع ولا يصدقن انه ربما يخسر بثمن القطعة حتى لو أقسم مئة مرة , أما الرجل فيأخذ القطعة بالسعر الذي يحدده البائع دون مفاصلة" .
من قال إن الرجال لا يفاصلون؟
وسام ويعمل في محل لبيع الموبايلات يؤكد بحكم خبرته أن الرجال أيضا يفاصلون وقال لنا "من يعتقد أن الرجال لا يفاصلون مخطأ, فأغلبية زبائني من الرجال الذين يغالبونني احيانا على 50 ليرة ".
و يتابع وسام "بالنسبة لي ليس لدي أي مانع بأن أفاصل أصحاب المحلات عند شراء الثياب وبقية المستلزمات ولا أصدق السعر المطروح من قبل البائعين ".
من جهته قال البائع في مجال الأزياء النسائية محمد يونس إن "الرجال والنساء يفاصلون على حد السواء حسب تجربته السابقة في البيع في مجال الألبسة الرجالية".
ولكنه يعود ليقول إن "النساء سواء كانوا صغيرات السن أم سيدات هم الأكثر خبرة في هذا المجال ولا يقبلن الخروج من المحل إلا بعد الحصول على القطعة بالسعر الذي يحددنه".
أما البائع في مجال الحجابات النسائية ماهر كردي قال إنه "يتبع سياسة محددة في البيع ليتخلص من عملية المفاصلة المملة والمتعبة حسب رأيه".
ويشرح ماهر سياسته هذه "أنا أعمد لطرح سعر معقول ورخيص للقطع التي أبيعها حتى لا يكون للزبونة مجال للمفاصلة ولكن رغم ذلك فالنساء لا يتعبن من المفاصلة حتى لو كان سعر القطعة 25 ليرة".
المفاصلة تتبع للمستوى الاقتصادي والاجتماعي للزبون
المختصة في علم الاجتماع رشا عثمان قالت " لا يخفى على احد أن المرأة هي الأكثر إتقانا في إجراء المفاوضات والمساومات ليس مع الباعة فحسب وإنما في كل مجالات الحياة مقارنة بالرجل ، والنقاش الذي تتبادله مع البائع لا يخلو من الملاطفة لينتهي الأمر برضا الطرفين".
و تضيف "تتبع ظاهرة المفاصلة للمستوى الاجتماعي والاقتصادي للزبون حيث تزدهر في الأسواق الشعبية لتندر في المحال الفاخرة حيث تكون عملية الشراء لإرضاء نفسية المستهلك وخاصة ذوي الدخل المرتفع، فيقومون بالشراء من أفخر المحال ويتجنبون التفاوض مع الباعة من مبدأ الحفاظ على (البريستيج) والمظهر الاجتماعي الراقي".
وترى عثمان "في مجتمعنا لا تعد (المفاصلة) فكرا تدبيرياً للزبون، وإنما تصبح مؤشرا على افتقاد الثقة بين البائع والمشتري , حيث يقوم أصحاب المحلات برفع الأسعار بشكل أكبر بكثير من سعرها الحقيقي لتأكدهم من قيام الزبون المفاصلة حتى يصلوا إلى السعر الذي يريدونه".
---------------------------------------------
المفاصلة: فن تتقنه المرأة وتحجّمه سياسة السعر المحدود
لا يخفى على احد أن المرأة هي الأكثر إتقانا لإجراء المفاوضات و”المفاصلة” مع الباعة مقارنة بالرجل، فهي بذلك تُعتبر سيدة مدبرة، والنقاش الذي تتبادله مع البائع لا يخلو من الندية لينتهي الأمر برضا الطرفين.وظاهرة المفاصلة لا تراها في المحال الفاخرة، لكنها تزدهر في الاسواق الشعبية، وأصبحت محال كثيرة تستخدم مبدأ “السعر محدود” لتتخلص من هذه الظاهرة المتعبة بنظر الباعة.
ولكن أحيانا لا تعد “المفاصلة” فكرا تدبيريا للزبون، وتصبح مؤشرا على افتقاد الثقة بين البائع والمشتري، نظرا للسعر الباهظ للسلعة، باعتبارها لا تستحق هذا السعر المرتفع جدا و”الخيالي” في احيان اخرى.
ربة المنزل أم أحمد جرادات تعتبر نفسها خبيرة في المفاصلة، فهي تحرص على شراء حاجيات منزلها المختلفة بأقل الاسعار، من منطلق التدبير والاقتصاد في مصروف البيت.
وترى جرادات أن الباعة وأصحاب المحلات يقومون برفع الأسعار بشكل أكبر من سعرها الحقيقي لتأكدهم من قيام المرأة بالمفاصلة وبالتالي يصلون الى السعر الذين يريدونه ولكن هي تقوم على تخفيض سعر القطعة بشكل كبير، حتى تصل إلى السعر الذي تشعر بأن السلعة تستحقه.
وتقول إنها لا تفاصل الباعة في الملابس فقط وإنما تشمل جميع المشتريات القابلة للتفاوض من الخضروات والمواد التموينية، بالاضافة الى الكهربائيات والأثاث.
الموظف في أحد محلات الألبسة، اسامة النتشة، يرى أن المرأة طويلة البال والنفس وهي من تجيد طريقة المفاصلة ولكن أحيانا تصل الى درجة “تبخيس” السلع.
ويلفت النتشة الى أن المفاصلة لا تقتصر على النساء فقط، وإنما هنالك رجال يتمتعون بهواية المفاصلة ولهم نفس أكثر طولا من النساء في هذا المجال، كما يؤكد أصدقاؤه في محال ملابس الرجالي، ولكن يعود ليؤكد أن الظاهرة تنتشر بين النساء أكثر.
ويشير الى أن متاجر الوكالة العالمية لا مجال للمساومة أو الخصومات فيها خارج اطار موسم التنزيلات، وفقا لسياسات تتبعها سائر وكالات العالم التجارية، بعكس المحال التي تقع في الاسواق الشعبية والتي يغلب على روادها أصحاب الطبقة المتوسطة.
ويقول النتشة إنه نادرا ما تجد سيدة تقبل بالسعر الاولي للسلعة، ويكون لدى الكثير منهن استعدادا لإضاعة ساعات كاملة بالمفاصلة ولو كان على دينار واحد.
الشابة العشرينية ليلى عبد القادر تقول إنها تخجل من مرافقة والدتها إلى السوق، معللة ذلك بأن والدتها تفاصل الى درجة يصبح فيها البائع غاضبا، وتحاول دائما أن تتجنب الذهاب معها حتى لا يكرهها التجار.
وتقول هناء إنها تفضل التسوق برفقة صديقاتها واللواتي يذهبن الى المحال ذات الماركات العالمية ذات الاسعار المحددة، والتي تقوم بعمل تنزيلات كبيرة في مواسم محددة.
وتشير الى أن الرجال لا يفاصلون عند شراء السلع، قائلة “إنها تحب أن تذهب مع والدها الذي لا يفاوض على الاسعار، الامر الذي يشعرها بالراحة في التسوق معه”.
من جانبه، يرى استاذ علم اجتماع التنمية في جامعة مؤتة، الدكتور حسين محادين، أن “المفاصلة” عادة اجتماعية سائدة ولها عدد من الأسباب التي تبررها، وأهمها مؤشر على وجود مشكلة ثقة بين البائع والمشتري، مضيفا أنه تجب اعادة تنظيم العلاقة بينهما.
ويضيف محادين أن عملية المفاصلة ما هي الا تبادل للمنفعة؛ فالبائع يطمح بالحصول على أعلى نسبة من الربح، والمشتري يطمح بالحصول على سلعة تشبع حاجة لديه وتمثل سعرا مقبولا.
ويقول محادين إن بعض المستهلكين يلجأون للمفاصلة في الوقت الذي لا يسمح له مستوى دخله باقتناء سلعة ما، وجرأة الانسان على الشراء مرتبطة بالرصيد المخصص لذلك، فتأتي المفاصلة بهدف الحصول على أكبر منفعة بأقل سعر.
ويشير الى أنه في التسويق الاجتماعي، على البائع ايصال المشتري الى أعلى درجات الضعف لإتمام صفقة البيع معه وخصوصا في المدن التي توجد فيها حركة تسوق نشطة.
ويلفت محادين الى أنه غالبا ما تنتهي عملية المفاصلة بين البائع والمشتري برضا الطرفين بالوصول الى سعر مشترك لا يشعر فيه أحدهما أنه غُلب.
ويضيف أنه أحيانا تكون عملية الشراء لإرضاء نفسية المستهلك وخاصة من ذوي الدخل المرتفع، فيقومون بالشراء من أفخر المحال ويتجنبون التفاوض مع الباعة من مبدأ الحفاظ على “البرستيج”.
يذكر أن مفهوم المفاصلة كان منتشرا في البلدان العربية وكان متعارفا عليه ليس في مجال معين فحسب كالملابس أو العطور أو الاكسسوارات فحسب، الا انه كان يشمل كل ما يمكن شراؤه مثل الخضراوات والفواكه وأنواع شتى من البضائع، وقد كان الباعة يدورون بها وينادون على بضاعتهم ما بين البيوت، لتبدأ عملية المفاصلة والتي كانت لا تنتهي الا برضا الطرفين.
---------------------------------------------
ما حكم شراء البضائع بعد مفاصلة طويلة مملة؟
|
|
2001-03-20 | |
الاجابه
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
المفاصلة هى المساومة ، والمساومة : المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفضل ثمنها . يقال: سام البائع السلعة سوما:عرضها للبيع , وسامها المشتري واستامها طلب بيعها , وبمعنى عرض البائع سلعته بثمن ما ويطلبه من يرغب في شرائها بثمن دونه . وإذا كان السوم قبل الاتفاق والتراضي على الثمن فلا حرمة فيه ولا كراهة ; لأنه من باب المزايدة وذلك جائز . أما بعد الاتفاق على مبلغ الثمن فمكروه عند الحنفية ومحرم عند المالكية والشافعية والحنابلة ـ خاصة من غير المشترى.(موسوعة الفقه الكويتية) وإذا كان المفاصل جادا في المفاصلة وينوى الشراء ، ولم يقصد غبن البائع فالمفاصلة جائزة ومباحة . ولكن الإسراف فى المباحات حرام ،كما قال الله تعالى:( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ، ولا سيما الإسراف فى الكلام ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) والنبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الثرثارين ـ المكثرون من الكلام الذى لا فائدة فيه ـ من أبغض الناس إليه صلى الله عليه وسلم وأبعدهم منه مجلسا يوم القيامة. فإذا لم تدع الحاجة إلى هذه المفاصلة ، أو دعت الحاجة إليها ولكن المشترى زاد على قدر الحاجة حتى مل منه البائع ،فإن هذه المفاصلة مكروهة وإذا ترتب عليها إيذاء للبائع كانت محرمة. والله أعلم. |
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..