الأحد، 8 يونيو 2014

السكروب

 حدثني أحد الزملاء عن صاحبه الذي دعاه في مساءٍ حارٍ من مساءات عاصمتنا الحبيبة لـ(الفرفرة) على الدائري حيث لا إشارات، ولا مطبات، ولا حفر متفائلًا بطريق سالك، لتغيير الجو، والاستمتاع ببرامج إذاعات الـ(fm) المتنوعة، على نسمات تكييف السيارة الباردة، ثم أكمل قائلًا: لم أكن متفائلًا بطريق سالك، ولكني فضلت أن أُسلك لصاحبي، وما هي إلا لحظات حتى ازدحم ازدحامًا شديدًا، ولقرابة النصف ساعة ونحن (نمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوحل) لدرجة أننا وبلا شعور رددنا معًا (ليتنا من حجنا سالمين) حتى لاح لنا من بعيد أحد المجمعات التجارية عندها قرر صاحبي أن (يُطلّق رجليه) داخل المجمع بحجة أن (كبده اندبلت) من الزحمة، ولأنني سئمت أكثر منه من هذه الزحمة فقد وافقته بدون تردد، بحمد الله بعد جهد جهيد، ومشقة، وعناء (عفنا) معها المشوار من بدايته تمكنا من الوصول للمجمع، والعثور على موقف، (ضبطنا تسكيباتنا) على المرايا الجانبية ثم (شيكنا) على أناقتنا، دخلنا المجمع وكان لا يقل ازدحامًا عن الشوارع إلا أنه بلا سيارات وكأن الناس تخاف أن تصبح وقد فرغت المجمعات من بضائعها، أثناء (تسحبنا) مررنا بجوار أحد الأسواق الاستهلاكية الكبيرة التي أخذت حيزًا كبيرًا من المجمع، ولأنه لا يمكنك أن تتنبأ بتصرفات (الفاضي) فقد انعطف صاحبي تجاهه انعطافة قوية مباغتة (بدون إشارة) كاد معها أن يرتطم بأحد المتسوقين وهو يردد (تعال تعال) طاوعته وأنا أقول في نفسي مغتاظًا (حنشوف وش وراه) متحسفًا على ليلتي التي ضاعت هباءً معه!! بدأت رحلتنا من موقف عربات التسوق حيث سحب صاحبي عربة كبيرة من النوع الذي لا يسحبها غالبًا إلا السعوديون لتسوقهم وغير السعوديين لحمل أطفالهم، ولم ينس أن يأخذ مجلة التخفيضات، تصفحها في أقل من 20 ثانية ثم رمى بها في عربته، عرفت أنه ليس له حاجة محددة، هِمنا على وجوهنا بلا هدىً تقودنا عربتنا، فلم نترك ثلاجة، ولا قسما، ولا ممرًا إلا وتشرفنا بمروره (مبحلقين) في أرففه، وأصنافه وكأنها تقول لنا (سلم علي بعينك إن كان بخلت يدينك)!!، ساعة كاملة ونحن على هذه الحالة ولا يوجد في عربة صاحبي إلا مجلة الخصومات!! كان لابد لي أن أجد مخرجًا من هذه (الزنقة) قبل أن أنفجر من الغيظ، فقادني تفكيري إلى إرسال رسالة لزوجتي طلبت منها أن تتصل بي وتستعجل حضوري (وتحبك فيلم لأني ناشب مع فلان)، لم تقصر حرمنا المصون فما هي إلا لحظات حتى (زغرط) جوالي في جيبي، تعمدت أن أتركه (يرن) قليلًا حتى نبهني صاحبي، أخرجته ثم نظرت إلى شاشته متسائلُا باستغراب بصوت مرتفع لأسمعه (أم فلان.. الله يستر وش عندها)!! فتحت الخط ولم أزد على أن قلت "طيب طيب أنا جاي الحين" أقفلت الخط ثم استعجلته في الخروج بحجة (ظرف طارئ)، تركنا عربتنا مكان تلقي اتصالنا متوجهين لبوابة الخروج وأثناء مرورنا بقسم العدد اليدوية، وبعض الأدوات الكهربائية خطف صاحبي وهو على (سرعته) (سكروبًا) بمقبض أسود، لم يطل اندهاشي إذ برر قائلًا "شينه أطلع ويدي فاضية"!! عجيب والله!! بلا تفاهم سحبت (السكروب) من يده وأنا اقول له "هذا اللي خلانا طفارى"!! ضحك وهو يترنم "يا طفران" أرقد ونم وقلبك لا تحمله همّ .أ.هـ.
فعلا هذا (اللي خلانا طفارى) استهانتنا بالأشياء الصغيرة التي تستنزف الراتب، وبالمبالغ القليلة الريال، والريالين، والخمسة، والعشرة مع أن من لا يهتم لها لن يهتم للمبالغ الكبيرة، ولن يتمكن من شراء أرض، أو بناء منزل، أو فتح مشروع بل سيقع فريسة للبنوك، ومؤسسات التقسيط، فنحن في زمن الريال (امسك قرشك) حتى تؤمن لنفسك وأبنائك حياة كريمة، أيضًا لابد من غرس، وتنمية ثقافة التوفير لدى الأبناء، وتعويدهم على الادخار، وليس الشح، والبخل.
نحن مقبلون على أشهر صرف، واستنزاف للرواتب لذلك يجب أن نتنبه للأشياء الصغيرة التي تسرق، وتسحب من رواتبنا، وأموالنا ونحن لا نشعر، وكما قال المثل (خذ من التل يختل).
السكروب

خربشات فاضي

احمد بن جزاء العوفي
الأحد 08/06/2014

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..