نبأ نيوز- تحقيق: أسامة غالب نصر -
قبل ثلاثين عاما فقد "علي" إحدى عينيه
وهو يمارس الهواية المفضلة له ولأقرانه في أيام العيد اللعب
بـ"القريح" كما
يسميها سكان صنعاء أو "الطماش" و"الطلاعات" كما يسمونها في تعز وإب. ظلت
الألعاب النارية خلال الأعوام الماضية قلقا لدى الأسر اليمنية جراء
الحوادث التي تخلفها، وسارعت الجهات الأمنية إلى منع دخولها البلاد وملاحقة
بائعيها، لكن انعدام التوعية وضعف الإجراءات جعلها مازالت الألعاب المفضلة
عند الأطفال.
* حـــوادث ناريــةوسط
العاصمة صنعاء عممت أقسام الشرطة بلاغات على أئمة المساجد تدعو المواطنين
للتعاون في ملاحقة بائعي الألعاب النارية في حين يواصل الأطفال فوضاهم
المعتادة بهذا النوع من الألعاب ويتلذذون بإطلاقها بين زحام المارة وتجمعات
الناس. وحسب المواطن ماجد أحمد فإن أبناء العدين بمحافظة إب لم ينسوا الحادث الذي تسببته الألعاب النارية العام الماضي. ويقول: "رمي طفل لبعضها في مخزن أعلاف للأبقار فتسبب بحريق هائل قدرت خسائره مائتي ألف ريال (ألف دولار)". الشاب
محمد خالد أحد ضحايا الألعاب النارية يقول: "في إحدى حارات أمانة العاصمة
تفاجأت بسقوط إحدى المفرقعات النارية فتسببت في إصابتي بحروق خفيفة بعد أن
أحرقت جزء كبير من ثوبي". يضيف: "التفت في كل الاتجاهات ولم أتمكن من تحديد مصدرها كون هناك كثير من الأطفال يلعبون بتلك الألعاب النارية". أما المواطن جمال حميد يقول إنه يضطر لشراء الألعاب النارية لأبنائه خاصة وأنهم يشاهدون أطفال الجيران يتمتعون بالعب بها. ويستدرك: "لو أن الحكومة تتخذ قرارا حازما ضد تجارها الكبار ممن يدخلونها البلاد وليس التجار الصغار لما وجد الأطفال ما يشترون".
* تجـــارة مربحــــةويعترف
عبد الله الحمادي وهو تاجر تجزئة ببيع كميات كبيرة من هذه الألعاب خلال
أيام رمضان، ويقول: "هذه التجارة مربحة وكنت أبيع كل يوم ما بين أربعة إلى
خمسة كراتين متوسطة الأحجام". ويؤكد أن هناك موزعين خاصين لها يمرون على التجار باستمرار، ويشير إلى أن تجارها الكبار معظمهم "مسؤولين كبار في الدولة". الحمادي
وهو يتحدث عن هذه التجارة على أنها مربحة لا يخفي قلقه من أضرارها على
الأطفال وأسرهم، ويفضل أن تقوم الحكومة "بمحاسبة الموردين الأساسيين لها". وينصح أولياء الأمور بعدم إعطاء أطفالهم المال لشرائها.
* ملاحقات في الداخل لتجارة نافذين السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تدخل هذه الألعاب النارية البلاد خاصة وأن وزارة الداخلية منسقة مع الجهات المعنية في منع دخولها؟ مصدر
رسمي في جهة مطلعة على البضائع المستوردة- رفض ذكر اسمه- يؤكد أن كل
الألعاب النارية تدخل عن طريق التهريب وليست بشكل رسمي، ويتهم نافذين في
الدولة باستغلال مناصبهم المدنية والعسكرية بإدخال هذا النوع من الألعاب
الخطرة على الأطفال وعلى المجتمع لما فيها من عائد مالي كبير. من
الصعوبة بمكان حصر ضحايا الألعاب النارية ولا توجد أية إحصائية عن كمياتها
أو منافذها أو حتى ضحاياها، لكن قيادة وزارة الداخلية وجهت الأسبوع الماضي
إدارات الأمن بأمانة العاصمة ومختلف محافظات الجمهورية بضبط المتاجرين بها
وتنظيم حملات تفتيش بالتنسيق مع النيابة المختصة وإحالة بائعيها للإجراءات
القانونية. يقول
مصدر في الوزارة إن "حملات الجهات الأمنية تجاه الألعاب النارية بمختلف
أشكالها وكل ما يقلق السكينة العامة على مدار العام وتزداد في الأعياد
ومواسم الأعراس". ويؤكد أنه "تم ضبط عدد من المتاجرين بهذه الألعاب وأن
الشرطة صادرت كميات كبيرة وحجزت ناقلات وسيارات تحملها في أكثر من محافظة،
من بينها أمانة العاصمة التي ضبط فيها ما يزيد عن 12 تاجرا تم العثور في
محلاتهم على العاب نارية".
* ضحايا لعنف مستقبلي الدكتور
مختار القاضي وهو صاحب عيادة جراحية يشير إلى أنه يوميا تستقبل عيادته طفل
أو طفلين أو أكثر مصابين في حوادث للألعاب النارية. ويضيف: "تتسبب هذه الألعاب عادة بحروق وجروح متفاوتة إلى جانب تورمات خاصة في اليدين والوجه". ويؤكد أن بعض الحوادث تتطلب عمليات جراحيه تجميلية خصوصا الأطفال الإناث. ويرى
الباحث الاجتماعي عبد الغني الشرعبي أن لهذه الألعاب آثار اجتماعية ونفسية
غير محمودة "كونها تولد العنف لدى الطفل وتربي فيه غريزة العداء، وبالتالي
تنعكس على سلوكه وشخصيته مستقبلا". ويضيف: "الأصل تربية النشء وغرس روح السلام ولذا علينا التوعية بمخاطر هذه الألعاب اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا".
• أرباحها غسيــــل أمـــوال وحول
المخاطر الاقتصادية يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر
أن هناك آثارا سلبية لتجارة الألعاب النارية، ليست اقتصادية فحسب، بل أيضا
اجتماعية وأخلاقية. ويضيف: "رغم التأكيدات المتكررة بضبط الحدود
والالتزام بحظر بيع تلك الألعاب النارية إلا أن الأسواق مازالت تعج بالكثير
منها، وللأسف الشديد فإنها تباع بالعلن، ولم تعد هذه التجارة محدودة
الكمية، وإنما باتت ظاهرة لها جمهورها من السماسرة والتجار". ويقول:
"هي تجارة غير قانونية ولا تعود بأية فائدة على الاقتصاد الوطني، ولا تخضع
للرسوم القانونية أو الضرائب أو الجمارك بل تندرج ضمن ما يعرف بغسيل
الأموال، كون الأموال المتحصلة عنها غير شرعية كالسلاح والمخدرات وغيرها". وبفعل
هذه التجارة يجزم رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي أن الاقتصاد
الوطني يتكبد العديد من الخسائر المباشرة وغير المباشرة، ويقول: "إضافة إلى
كونها إهدار للعملة الصعبة اليمنية حيث يتم استيراد كميات كبيرة منها ويتم
إدخالها عبر التهريب، فإن لها كلفة اقتصادية كبيرة على المواطنين من نواحي
عدة، منها الخسائر المادية التي يتعرض لها المواطنين جراء ما تشعله هذه
الألعاب من حرائق، وأضرار جسمية على الأطفال، وهناك مشاكل اجتماعية كلفتها
الاقتصادية عالية". ويشير إلى أن الخطورة تكمن أيضا في "احتواء تلك
الألعاب على أصباغ ومواد كيمائية خطيرة تتسبب العديد من الأمراض للأطفال
ينتج عنها كلفة مالية كبيرة تتكبدها الأسر لعلاج أطفالها". ويعتقد المراقب الاقتصادي مصطفى نصر أن هناك تواطؤ من قبل بعض الأجهزة المعنية بمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة. ويقول: "هناك تقصير أيضا من الجهات المعنية في التوعية وتثقيف المجتمع بخطورة مثل تلك الألعاب النارية". ويطالب
بسرعة محاسبة كل من يثبت تورطه في هذه التجارة المحرمة، "واستبدالها
بالعاب مفيدة تنمي الإبداع إذ لسنا بحاجة إلى شحذ همم الأطفال بالعنف
والمتفجرات".عن: سبأ
|
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..