الصفحات

الأحد، 21 مارس 2021

اختلاف أمتار الأرض المشتراة عن الواقع

المسائل المالية المعاصرة : اختلاف أمتار الأرض
ويقصد بذلك اختلاف أمتار الأرض عمّا وقع عليه العقد، فلو باع زيد على عمرو أرضاً على أنها ألف متر، فباتت على الطبيعة تسع مئة وخمسين متراً، فهل البيع صحيح؟

بداية لا يخفى أن هذه ليست مسألة مستجدة، وإنما ذكرتها هنا لكثرة ما تقع، وإيضاح هذه المسألة يحوجنا إلى الإلمام بمسألتين باختصار.

الأولى: أن من موجبات الخيار فوات الوصف المشروط في البيع، الذي يتعلق به غرض صحيح، فإذا فات هذا الوصف في المبيع، بحيث سلمه البائع إلى المشتري دون هذا الوصف المشروط، فإنه يجوز للمشتري أن يرده إلى البائع ويسترد الثمن كله، أما إن رضي المشتري بالمبيع فإنه يمسكه بجميع الثمن، قال ابن قدامة: لا نعلم بينهم في هذا خلافاً. ولاختلاف المبيع عما وقع عليه العقد صور، منها: أن يجد المبيع بخلاف الجنس الذي وقع عليه البيع، مثل: إن اشترى حنطة فوجدها شعيراً، وفي هذه الصورة يبطل البيع بالإجماع.

وصورة أخرى: أن يجد المبيع بخلاف القدر الذي وقع عليه العقد، مثل: أن يشتري صرة من الحنطة على أنها عشرة أكيال، فيجدها تسعة، ومع اتفاق الأئمة الأربعة على أن له إذا أمكن تقسيم الثمن على الأجزاء، فإن له أن يأخذه بحصته من الثمن، فهل له خيار الفسخ؟ الذي عليه الحنفية والشافعية أن له الخيار؛ لأنه قد لا يرضى بهذا القدر، وفيه تفريق الصفقة عليه. أما الحنابلة فيرون: ألا خيار له، لأن نقصان القدر ليس بعيب في الباقي.

وهنا نصل إلى المسألة الثانية ومن خلالها نصل إلى مسألتنا؛ فهل الذراع «التمتير» في المذروعات كالأراضي وصف أو قدر؟

إن قلنا إنه وصف فيتجه القول بإثبات خيار الوصف هنا، فللمشتري الأخذ أو الرد، وإن قلنا: إنه قدر صح البيع، ويرجع على البائع في الأمتار الناقصة.

وعلى هذا يمكن أن نقول في مسألتنا إنه إذا كان اختلاف الأمتار على الطبيعة عن المباع في العقد؛ إذا كان يسيراً لا يفوت به غرض للمشتري، فهنا لا يكون للمشتري خيار فوات الوصف، ويرجع على البائع فيما نقصه من الأمتار بحصتها من الثمن، أما إذا كان الاختلاف يصل إلى أن يفوت به غرض للمشتري فهنا يتجه إلى أن يكون الذراع «المتر» وصف على أصل الحنفية، فيكون للمشتري الحق في رد المبيع؛ بناء على ثبوت خيار الوصف له، ولا شك أن مرد تقرير ذلك إلى القضاء المبني على رأي أهل الخبرة.

د. فهد الماجد

السبت 20 جمادى الأولى 1440هـ - 26 يناير 2019م
المرجع
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..