الصفحات

الجمعة، 12 فبراير 2016

نشالو المتاجر يزدادون ذكاء ويتحدون تقنيات المراقبة

تتعدد مخاطر السرقة بقطاع التجزئة السعودي.. والخسائر بالجملة
500683662الرياض: معتصم الفلو
فور خروج إحدى السيدات من أحد متاجر الملابس، دوى صفير أجهزة الكشف الإلكترونية في كل الأرجاء؛ ليهرع موظفو الأمن للقبض
على من يشتبه بأنها نشلت قطعة ملابس دون أن تنزع عنها القطعة الإلكترونية المثبتة بها، مما أدى إلى اكتشاف السرقة بسرعة!
لم تتأخر «المجلة» في إجراء محادثة سريعة مع موظف الأمن الذي تمرس على معرفة النشالين وأساليبهم؛ رغم اعترافه أنه لا يمكن الوصول إلى نسبة 0 في المائة نشل مهما كان حجم معدات المراقبة وحجم فريق الأمن. فالسباق جارٍ على أشده بين النشالين والمتاجر، وفي كل يوم يبتكر النشالون أساليب ذكية لا يمكن الكشف عنها!
وكان الدخول إلى أسرار النشل ونشالي المتاجر أمرًا مثيرًا للاهتمام، سواء في أساليب التخفي أو الألاعيب الخبيثة أو حتى في استغلال حساسية وضع المرأة، لا سيما في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي. أما أفضل من يحدثك عنهم، فهم موظفو الأمن الخاص المنتشرون في المتاجر الكبرى.

تحت عين الرقابة

ليس صحيحًا أن كل النشالين يخفون ما يسرقونه داخل ملابسهم كما يظهر في الأفلام، فهناك حيل ذكية تجعلهم يخرجون بما استولوا عليه بطريقة نظامية وأمام أعين موظفي الأمن الذين قد يساعدونهم عندما يكون الحمل ثقيلاً!
فهناك من النشالين من يستبدل لصاقة السعر «barcode» لمنتج رخيص على منتج أغلى ثمنًا من جنس واحد. فمثلاً، يصل سعر السجادة اليدوية في أحد متاجر المفروشات إلى 7500 ريال (2000 دولار)، ولكن النشالين يستبدلونها بلصاقة لسجادة آلية لا تتجاوز قيمتها 500 ريال (133 دولارًا) في المتجر نفسه، مستغلين أوقات الذروة حين يكون الهم الأول للبائع هو تسريع إجراءات الدفع والتخفيف من طول الطوابير؛ دون التدقيق في الوصف الدقيق للبضائع، وبخاصة إذا كان الوصف مسجلاً باللغة الإنجليزية.
وهناك حيلة أخرى تتضمن وضع منتجات أصغر حجمًا داخل عبوة منتج من الحجم الكبير؛ حتى إذا وصل الزبون المحتال إلى الصندوق، دفع ثمن المنتج في العبوة الكبيرة، فيما تختبئ منتجات أخرى داخل تلك العبوة، وتكون في الغالب أغلى ثمنًا وأخف وزنًا. ومثال ذلك تهريب علبة كافيار من متاجر الأغذية في العبوة الكرتونية لأكياس رقائق البطاطس.
وقد يستغل بعض النشالين الجزء الأسفل من عربة التسوق لوضع بعض السلع، مستغلين انشغال البائع، فيدفعون ثمن ما في سلة العربة مع تجاهل ما في أسفلها، فإن انتبه أمين الصندوق، تظاهروا بالنسيان ودفعوا ما عليهم. ولكن معظم النشالين يستغلون وقت الذروة لتهريب ما أمكن.
أما بالنسبة لمتاجر الألبسة، فهناك من يستطيع بطريقته الخاصة فك قطعة التنبيه الإلكترونية المثبتة على الملابس وتغيير الملابس في غرفة الاستبدال أو لبسها تحت الملابس القديمة، والانطلاق بالملابس الجديدة، وقد يدفعون ثمن بعض القطع الرخيصة مثل الجوارب!
إلا أن هناك خدعة يستخدمها بعض النشالين مع الباعة في أوقات الذروة، تلعب على الوتر النفسي، حيث يشتري النشال شيئًا زهيد الثمن، بريالين أو ثلاثة ريالات (أقل من دولار)، ويعطي البائع فئة نقدية كبيرة من فئة 500 ريال (133 دولارًا). وبعد أن يأخذ الباقي، يقول النشال إنه تذكر أن معه ريالين، ويطلب من البائع أن يعيد له الفئة النقدية الكبيرة وأن يأخذ المبلغ الزهيد، دون أن يتذكر البائع استعادة الباقي تحت ضغط الازدحام، فيما يطلق النشال ساقيه للريح!
وهناك من النشالين من لا ينشل أية بضائع من المتجر، بل يصطاد الحقائب النسائية، التي تفضل بعض المتسوقات تركها في العربة بسبب حجمها الكبير، فيقوم النشال بإشغال المتسوقة بإصدار صوت غريب أو رمي شيء ما على الأرض. وفي تلك الأثناء، تكون يده امتدت إلى داخل الحقيبة وأخذ ما فيها. وقد لا تكتشف الضحية أمر السرقة إلا بعد نهاية جولة التسوق!

دراسة سعودية عن النشل

قبل 6 أعوام تقريبًا، نشرت الأكاديمية العالمية للعلوم والهندسة والتقنية دراسة مستفيضة عن النشل في مدينة الرياض أعدها عضو الهيئة التدريسية في كلية الملك فهد الأمنية بالرياض والمتخصص في علم الجريمة الدكتور صالح الدبل. واعتمد الدبل على معلومات جمعت من 16 متجرًا، بقيت أسماؤها محجوبة لأسباب تتعلق بالخصوصية وسمعة المتجر، فيما أشرف على التحقيقات الأمن الخاص قبل إطلاق النشالين المقبوض عليهم أو تسليمهم للشرطة. وكان عدد المقبوض عليهم 943 نشالاً ونشالة على مدار 3 سنوات.
وأظهرت الدراسة تفوق عدد الذكور النشالين بنسبة 90.3 في المائة على النشالات اللواتي بلغت نسبتهن 9.7 في المائة. أما الفئة العمرية الأكثر تورطًا في عمليات النشل فهي المراهقون بنسبة 32.3 في المائة، كما أن معظمهم من الطلاب بنسبة 36.4 في المائة، ويليهم أصحاب المهن المتوسطة بنسبة 15.1 في المائة والعمال العاديون بنسبة 9.1 في المائة. وحظيت العشر الأواخر من كل شهر بأعلى معدلات النشل بنسبة 37.1 في المائة وتساوت تقريبًا في الثلثين الأولين بنسبة 31.5 في المائة و31.3 في المائة. وكان من المفاجئ أن نحو ربع النشالين والنشالات ينتمون إلى الطبقة العليا، فيما تنتمي نسبة 39.8 في المائة إلى الطبقة الوسطى، لتكون أكثر ممن ينتمون إلى الطبقة الدنيا التي استحوذت على 34.9 في المائة، مما يعني أن النشل لا يرتبط بالضرورة بالحاجة المادية، بل هو سلوك نفسي منحرف!
بالطبع، لم يكن هدف هذه الدراسة إحصاء عدد النشالين في السعودية ولم تشمل كل المدن ولا كل المتاجر، كما أنها شملت النشالين المقبوض عليهم فقط. فالمسألة أعقد من ذلك، وتقوم على التخمينات؛ علما بأن عدد المقبوض عليهم يكون في الغالب أقل بكثير من الذين يفلتون. كما أن القبض على النساء في مجتمع محافظ كالسعودي يحمل بعض الحساسيات الاجتماعية، كما أنهن يتمتعن بقدرة أكبر على إخفاء المسروقات في الملابس أو الحقائب.

بين يدي القانون

يعرف النشل قانونيًا على أنه «القيام بسرقة أو أخذ شيء ما أو محاولة حرمان متجر التجزئة من القيمة الكاملة للسلعة عن عمد وسابق إصرار وتخطيط».
ورغم اختلاف التصنيفات بين علماء الجريمة والنفس، ينقسم النشالون بشكل رئيسي إلى صنفين، أولهما النشالون المتاجرون الذين ينشلون بغرض بيع ما يسرقونه، وهم يشكلون نحو 10 في المائة، أما النوع الثاني، فهم المختلسون الذين لا يبيعون ما يسرقونه، وليسوا بالضرورة منتمين إلى عالم الجريمة، وقد لا يكون دافعهم هو «الفقر». ويوصف النشالون الذين لا يسرقون بدافع الحاجة أو الفقر، وينتمون غالبًا إلى طبقات ميسورة، على أنهم يعانون مما يعرف بـ«هوس السرقة» (kleptomania).
أما النشل الذي يقوم به موظفو المتاجر أنفسهم أو عمال التوصيل، فلا يدخل تحت تصنيفات النشل العادية، ولكنه يدخل في باب «خيانة الأمانة».
أما الإجراء المتخذ في المتاجر السعودية، فهو يختلف من متجر لآخر. فمعظم المتاجر تكتفي باستعادة المسروقات من النشال وتركه يذهب في حال سبيله، إلا أن بعض المتاجر الكبرى المزودة بتقنيات الدائرة التلفزيونية المغلقة المرتبطة بكاميرات المراقبة، صارت تستدعي الشرطة مع تسليمها شريط الفيديو الذي يظهر دليل حصول عملية النشل. كما أنشأت بعض المتاجر قوائم سوداء سرية تمنع بموجبها النشالين الذين قبض عليهم من الدخول إلى المتاجر.

خسائر باهظة وآثار خطيرة

لا تجرؤ المتاجر على الإفصاح عن الخسائر تتكبدها لأجهزة الصحافة والإعلام، وإنما يتم تداولها على نطاق محدود ضمن أقسام المحاسبة والإدارة. ويتم اكتشاف ذلك في أوقات الجرد السنوي للمتاجر.
وتتعدد مخاطر النشل على قطاع التجزئة، فهي تشتري المنتجات من تجار الجملة وتبيعها بهامش ربح معين. وعندما يفقد المتجر قطعة ما، فإنه يضطر إلى بيع عشرات القطع لتغطية ثمن القطعة المسروقة، مما يؤدي إلى تأثر الأرباح سلبًا، فيما تلجأ بعض المتاجر إلى زيادة الأسعار لتغطية العجز الناتج عن السرقة.
كما أن المتاجر التي تتكرر فيها أعمال النشل تضطر إلى تركيب أجهزة مراقبة، مما يؤدي إلى رفع التكاليف التي ستنعكس على المستهلك ارتفاعًا في الأسعار النهائية.
ولأن المراهقين يشكلون الجزء الأكبر من النشالين، فقد تتعرض هذه الفئة بمجملها إلى التمييز في التعامل أو المراقبة المكثفة في المتاجر، مما قد يؤدي إلى حصول إشكالات معها.
وبينما تستطيع بعض الاقتصادات المتقدمة، كالأميركي مثلاً، إحصاء الخسائر الناتجة عن عمليات النشل، لا تستطيع الاقتصادات الأخرى فعل ذلك. ففي عام 2014 بلغت الخسائر الناتجة عن النشل في الولايات المتحدة نحو 44 مليار دولار، مما يعني فقدان آلاف فرص العمل وأحيانا الإفلاس كما يحصل لبعض المتاجر!
المصدر:
التاريخ: : الجمعة, 12 فبراير, 2016

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..