الصفحات

الأحد، 4 ديسمبر 2011

التهاب مخدة عظمة الورك ... المرتبة اللينة والراحة تساعدان في التحكم بالأعراض المؤلمة !

عدم معرفة الطبيب بالمرض قد يؤدي إلى فحوصات كثيرة غير ضرورية..
                                                 ممارسة الرياضة بدون شدة ضروري للجسم
د.ياسر بن محمد البحيري

هل تعاني من آلام في الجزء الأعلى من الحوض والورك؟
هل تزداد هذه الآلام مع الحركة والمجهود؟
هل تزداد هذه الآلام عند النوم على جنب المريض وتؤدي إلى استيقاظك في الليل؟
إذا كنت تعاني من هذه الأمراض فإنه من المرجح أنك تعاني من المرض المعروف بالتهاب مخدة عظمة الورك. ولكن ماهو هذا المرض وماهي الأسباب التي تؤدي إلى ظهوره ؟ وكيف يمكن تشخيصه وعلاجه؟
ماهي مخدة عظمة الورك؟
في الواقع أن الجزء الأعلى من عظمة الفخذ والذي يلتقي بمنطقة الحوض يتكون من بروز عظمي يسمى بالمصطلحات الطبية (greater trochanter). هذا البروز العظمي يشكل منطقة العظمة والأوتار التي تحرك منطقة الورك وعظمة الفخذ. وتغطي هذه المنطقة وهذا البروز مخدة رقيقة تتكون من وسادة داخلها سائل زلالي لزج يسهل إنزلاق هذه الأوتار فوق هذه البروزات العظمية. وإذا وضعت يدك على الناحية الخارجية الجانبية من الخصر ثم نزلت بها إلى المنطقة التي تقع في أعلى منطقة الفخذ فإن هذا المكان الذي تقع فيه هذه المخدة الزلالية وهذه المخدة تكون بارزة في الأشخاص ذوي البنية النحيلة وأيضاً لدى النساء لأن عظام الحوض لديهم تكون عرضة. وتكمن أهمية هذه المخدة الزلالية في أنها توفر سهولة لحركة الأوتار والعضلات المحيطة بعظيمات الورك. ولكن في بعض الأحيان يحصل التهاب وتهيج في هذه المخدة مما يؤدي إلى ظهور أعراض مرض التهاب مخدة الورك (Trochanteric bursitis). وبالنسبة للأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا المرض فهي قد تكون نتيجة النوم على جانب واحد لفترات طويلة. أيضاً النوم على الجانب إذا كانت الفراش أو المرتبة قاسية نوعاً ما يؤدي إلى انضغاط هذه المخدة بين بروز عظمة الورك وبين الفراش أو السرير القاسي مما يؤدي إلى ظهور الالتهاب فيها. بالإضافة إلى ذلك فإن هذا المرض قد يظهر نتيجة الإجهاد أو ممارسة بعض الرياضات بشكل عنيف مثل رياضة المشي أو الجري أو اليوغا. ومن الأسباب النادرة لحدوث هذا المرض أيضاً هو بعض الأمراض الروماتزمية مثل مرض الروماتزم أو الروماتويد أو مرض النقرس. كما أن بعض الناس قد يعانون من هذا المرض نتيجة مباشرة لمنطقة المخدة عند السقوط على الأرض مثلاً أو ارتطام جسم ما بهذه المنطقة. وبغض النظر عن السبب فإن المحصلة النهائية هو حدوث التهاب غير جرثومي في هذه المنطقة مؤدياً إلى الأعراض التي سنذكرها لاحقاً.

التهاب وتهيج
الأعراض والتشخيص
قد يكون هناك تاريخ مرضي لإصابة مباشرة للمنطقة المريضة أو قد يكون هناك تاريخ للنوم على فراش قاسٍ أو لممارسة الرياضة بشكل عنيف. بالإضافة إلى ذلك فإن المريض أو المريضة سوف يشتكي من آلام متفاوتة الشدة من بسيطة تظهر عند الحركة أو عند النوم على المنطقة إلى آلام شديدة تمنعه من النوم أصلاً وتمنعه من المشي. هذه الآلام تكون متمركزة عند موقع عظمة الفخذ والمخدة التي ذكرناها سابقاً. وفي كثير من الأحيان تمتد هذه الآلام في الناحية الخارجية من الفخذ لتنزل إلى ما حول منطقة الركبة. ولا يستطيع المريض النوم على المنطقة المريضة وقد يستيقظ عدة مرات خلال الليل بسبب الآلام التي تراوده. بعد ذلك يأتي دور الفحص السريري الذي عادةً ما يبين وجود آلام في منطقة عظمة الفخذ ومخدة الورك تزداد عند الضغط عليها من قبل الطبيب وتزداد مع تحريك مفصل الورك إلى الداخل. وهنا يجب الانتباه إلى أن هذه الأعراض التي ذكرناها سابقاً قد يتم خلطها عند بعض الأطباء أو عند بعض المرضى بأعراض المرض المعروف بعرق النسا الذي يكون ناتجاً عن تهيج أو إنزلاق غضروفي في الفقرات القطنية. وذلك لأن أعراض الإنزلاق الغضروفي عادةً ما تظهر على شكل آلام في أسفل الظهر تمتد إلى الفخذ والساق. وقد رأينا في أكثر من حالة كيف أن مرض التهاب مخدة الورك يتم علاجه على أنه انزلاق غضروفي لفترات طويلة من دون أن يستفيد المريض. أما بالنسبة للفحوصات التي تساعد على تشخيص هذا المرض فإن أهم طريقة لتشخيص هذا المرض هو الفحص السريري الذي ذكرناه سابقاً. ولكن في بعض الحالات التي يكون هناك فيها شك فإنه يمكن اللجوء إلى عمل أشعة سينية لمنطقة الورك للتأكد من عدم وجود أية أمراض أخرى كما أنه يمكن اللجوء إلى عمل أشعة رنين مغناطيسي لمنطقة الورك والتي تبين بدقة متناهية وجود الإلتهاب في المخدة الوركية. وفي بعض الحالات قد يتم اللجوء إلى الأشعة الصوتية (ultrasound). كما أنه قد يتم اللجوء إلى بعض التحاليل في المختبر مثل تحليل الدم ونسبة ترسب الكريات الدم الحمراء عند بعض المرضى.

آلام في الجزء الأعلى من الحوض والورك
الخطة العلاجية
أهم شيء في علاج هذا المرض هو التشخيص الدقيق كما ذكرنا سابقاً. بعد ذلك تبدأ الخطة العلاجية والتي تتكون من محاولة تجنب الإجهاد للمنطقة المريضة بقدر المستطاع وذلك عن طريق تفادي الرياضات العنيفة والتقليل من الحركة والنشاط ومحاولة تجنب النوم على المنطقة المصابة. بالإضافة إلى ذلك فأنا شخصياً دائما ما أنصح المرضى الذين أراهم يعانون من هذه المشكلة بشراء مرتبة إسفنجية لينة رخيصة الثمن ووضعها فوق المرتبة الحالية لتوفر حماية وليونة إضافية في حال تقلب المريض أو المريضة خلال النوم. هذا الإجراء كفيل بأن يضمن سطحاً ليناً عندما ينام المريض على المنطقة المصابة. بالإضافة إلى ذلك فإن المريض سوف يحاول الامتناع عن أية أنشطة تهيج المنطقة المريضة مثل الجلوس في وضعية القرفصاء أو وضعية التربيعة أو الجلوس مائلاً لفترات طويلة. بعد ذلك يأتي دور العلاج بالعقاقير والتي عادةً ما تكون على شكل أدوية مضادة للالتهاب وأدوية مسكنة وأدوية مرخية للعضلات. هذه الأدوية يتم تناولها لفترة تتراوح مابين أسبوع إلى إسبوعين وهي ذات فائدة علاجية في القضاء على الالتهاب غير الجرثومي في المنطقة بالإضافة إلى فائدتها المسكنة للآلام. كما أن جلسات العلاج الطبيعي مفيدة جداً في محاولة التخلص من المرض وذلك عن طريق استخدام الكمادات والأشعة فوق الصوتية في البداية للتخفيف من حدة الاتهاب والألم وبعد ذلك يمكن عمل برنامج تمارين إطالة وتقوية للعضلات المحيطة بالمنطقة. وفي الغالبية العظمى من المرضى فإن هذه الإجراءات التي ذكرناها سابقاً تكون كفيلة بالقضاء على المرض والأعراض بإذن الله. ولكن تبقى نسبة 10 إلى 15% من المرضى تعاني من هذا المرض ولاتستجيب للخطة العلاجية السابق ذكرها. وفي هذه الفئة يمكن فإنه يمكن اللجوء إلى حقنة الكرتزون الموضعية والتي هي في الواقع تحتوي على مادة الديبومدرول ذات الخاصية العلاجية المضادة للالتهاب والتي تتميز بقوتها وسرعتها وفعاليتها وبأنها لاتسبب أية آثار جانبية للجهاز الهضمي أو الكلى أو الكبد. هذه الإبرة يتم إعطاؤها عن طريق الطبيب في منطقة المخدة المريضة الملتهبة ويتم وضع المادة الدوائية بدقة في المنطقة المريضة وبالتالي تؤدي إلى سرعة الشفاء بإذن الله. وفي بعض الحالات القليلة النادرة قد يحتاج الطبيب إلى تكرار هذه الإبر الموضعية لمرتين أو ثلاثة مرات حتى يتم التحكم بالأعراض والقضاء على المرض بشكل نهائي بإذن الله.
النصائح والتوصيات
في الواقع أن هذا المرض غير خطير ويمكن علاجه بسهولة وبفعالية إذا ما تم تشخيصه تشخيصاً دقيقاً. ولذلك فإن أهم نقطة في علاجه هي التشخيص الدقيق ومعرفة الطبيب والمريض بالأعراض لكي يتعاون للوصول إلى النتيجة المرغوبة. وبالنسبة للوقاية من هذا المرض فإنه يجب محاولة التخفيف من أية أنشطة تؤدي إلى ظهور الأعراض كما أنه يجب اختيار المرتبة المناسبة للنوم لكي لايتم الضغط على مخدة الورك وبالتالي ظهور هذا المرض لاسمح الله.
  الاحد 9 محرم 1433هـ " بتقويم أم القرى " - 4 ديسمبر 2011م - العدد 15868

المصدر

_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكرك على الإطلاع على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ، ولو إسما مستعارا ; للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو مراعاة أخلاق المسلم ; حتى لا نضطر لحذف التعليق
تقبل أجمل تحية
ملاحظة :
يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..